جمال الدين الأفغاني

ولد جمال الدين الحسيني الأفغاني في مكان مُختلف عليه بين أن يكون قرية اسعدآباد في أفغانستان أو اسدآباد في إيران ولكن الثابت انه ولد عام 1838 لأسرة علوية حسينية وتوفيه سنة 1897 في اسطنبول.

وفي الزمن القصير الذي عاشه بين التاريخين عاش ثائراً تلح الاسئلة عليه ابتداءاً منذ دراسته المبكرة في بلاده ثم، في النجف، وصولا إلى تحركه على مستوى العالم الإسلامي، نافخاً فيه روح الثورة حتى لقب بموقظ الشرق.

ولا يزال متنازع عليه حتى اليوم بين التيارات المذهبية على جانب، وبين دعاة الدولة المدنية على جانب ودعاة الدولة الدينية على جانب ثالث، هكذا عاش، وهكذا مات.

ولكن أي محاولة لفهم عقيدة الرجل في الثورة لن تكون دقيقة دون فهم موقفه من الدين، والدين الاسلامي بصورة خاصة، لقد كتب في العروة الوثقى ((إن الاصول الدينية الحقة المبرأة عن محدثات البدع تنشئ للأمم قوة الاتحاد وائتلاف الشمس وتفضيل الشرف على لذة الحياة وتبعثها على اقتناء الفضائل وتوسيع دائرة المعارف وتنتهي  إلى أقصى غاية من المدنية)).

وكما يقول د. محمد عثمان الخشت ((لقد كان موقف الافغاني من الدين بعامة والاسلام بخاصة ثابتا طوال حياته… وتكشف كتاباته عن إيمان عميق بالدين الاسلامي وجدواه بالنسبة للبشرية… وقد كان لديه يقين بأن الالحاد لم ينتشر في أمة إلا كان سبباً في اضمحلالها وانقراضها)).

ويتجلى الشق الآخر في شخصيته وحياته ومنهجه في عداءه الشديد للانجليز، حيث ان ولادته في مناطق نفوذ بريطانيا، وتحكمها في الدول الاسلامية ــ وهو أمر كلفه منصبه في بلاده ــ واستنزاف بريطانيا لموارد الدول الخاضعة لها جعلته يناصب المصالح البريطانية العداء حيثما توجد، وكيفما تكون، وكان همه الاول إضعاف نفوذ بريطانيا في بلاد المسلمين، هكذا كان شأنه في أفغانستان، ثم إيران القاجارية وفي مصر وأخيراً تركيا.

ويذكر د. علي الوردي ان ثورة التنباك الشهيرة التي نشبت عقب منح الشاه ناصر الدين القاجاري امتياز تجارة التنباك لبريطانيا لتسيطر على تجارته في إيران، وما تبعها من تحريم السيد محمد حسن الشيرازي المجتهد الأكبر للإمامية على الإيرانيين شرب الدخان مما أدى إلى رضوخ الشاه وإلغاء الامتياز، يروي الدكتور الوردي في الجزء الأول من اللمحات ان جمال الدين ذهب إلى سامراء مقر إقامة الشيرازي واجتمع معه بمفردهما وفي ((تلك الساعات الرهيبة)) ــ بتعبير الوردي ــ صيغت الفتوى التي جعلت من شرب الدخان بمثابة محاربة إمام الزمان.

أما الجانب الثالث المتعلق بشخصية الأفغاني فهو تحرره من المذهبية الضيقة وترفعه عن النعرات الطائفية، وامتداد دعوته إلى كل من آمن برسالة النبي محمد (ص) دون الالتفات إلى مذهبه وعقيدته الخاصة، كما انه لم يكن من مهادني القومية أو الداعين إليها، كان مؤمنا بالجامعة الإسلامية والوحدة الاسلامية وضرورة تكاتف المسلمين ضد الاستعمار ــ الانجليزي منه بصورة خاصة ــ وقناعته بأن بالوحدة الاسلامية فقط وتناسي الماضي ستنهض الأمة وتأخذ دورها الطبيعي وتستعيد مجدها.

إلى هذه الأمور مجتمعة تستند دعوة الأفغاني إلى الحركة وتأجيجه لروح الثورة في الأمة الاسلامية.

image007

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.