من مآسي المترجمين وحمولاتها السياسية العرضية

يوقع المترجمون القراء في مطبات كثيرة، منها تَعَوُّد ذاكرتهم على كلمة معينة، تصبح “تابو” وقاعدة مقدسة تصبح مخالفتها خطأ، مع العلم أنها ليست من العربية، ولا توجد حدود معينة أو قاعدة نحوية لها.
على سبيل المثال، ترجم الشاعر الكبير خليل مطران ـ الملقب بشاعر القطرين ـ مسرحية لشكسبير، واختار أن يكون اسم بطلها بالعربي “عُطيل” ولا توجد قاعدة استند عليها هذا الضليع بالعربية الفصيح ليحول اسم “أثيلو” أو “أتيلو” الى عطيل، مستنتجا أنه كان عبدا لسواد بشرته، والعبد عاطل عن الحلية والزينة، اليوم تعال أقنع القراء العرب أن عطيل هو اسم من عنديات خليل مطران، وليس ما اختاره شكسبير لبطله.
بعد…
مشكلة اللغة العربية مع الترجمات من الأدب الروسي اكبر وأكثر تعقيدا، ترجم العرب الأدب الروسي أول الأمر عن الانجليزية والفرنسية، بل أن سلسلة الترجمات الكاملة لكل اعمال دوستويفسكي التي انجزها الدكتور سامي الدروبي رحمه الله كانت عن الفرنسية وليس عن الروسية، الأمر الذي جعلنا نعرف اسماء الروائيين الروس عبر هاتين اللغتين، بعد أن لعب المترجمون “الانجليز والفرنسيس” بهذه الاسماء لتكون قابلة للفظ باللغتين الفرنسية والانجليزية، فماذا حدث؟
أذكر أنني قرأت رواية مترجمة من الروسية قبل 15 عام، صدرت عن دار المأمون في بغداد في الثمانينات ربما، للروائي الروسي ليرمنتف، اسمها فاديم، ترجمها د. مكي عبد الكريم المواشي، ولم اجدها على الانترنيت، في مقدمته بين المترجم الضليع هذا الخطل الحاصل في أسماء الكتاب الروس بسبب أننا قرأناهم أول مرة عبر لغة وسيطة، فمثلا تولستوي يلفظ بالروسية طالسطوي، ودوستويفسكي يلفظ بلغة أهله داصتافسكي، وهكذا قل عن بقية الاسماء.
اعتادت آذاننا أن تسمع كلمة معينة، فصار كل ما يختلف عنها خطأ، حتى صرنا نفتي على شخص يحمل شهادة الدكتوراه باللغة العربية، وترجم عشرات الكتب ترجمة فائقة الدقة، في الفلسفة والشعر، ناهيك عن مؤلفاته الخاصة، اتفقت معه أم اختلفت في خياراته السياسية، فننعى عليه استخدامه لكلمة معينة ونجعلها خطأ، لأن آذاننا تعودت على غيرها لا أكثر، والكلمة بوجهيها صحيحة، وإن كنت أميل الى كتابتها كما يلفظها أهلها، وليس كما أشاعها المترجمين.
نظل مشغولين بهذه السفاسف وننسى مصائبنا الكبرى، مثل أزمة المياه، والكهرباء، ووووو.
 الحقيقة أن هذه الضجة حول استخدام د. حسن ناظم لكلمة واشنطون بدلا عن الشائع سياسية وليست معرفية،