Mr.Holmes

من الافلام الجميلة، واطئة الكلفة، عالية المضمون.

يكفيك منه ان تستمتع بأداء السير إيان ماكلين، وهو يرسم بدقة كل ما يخالج الشخصية التي يؤديها.

سنجد السيد شيرلوك هولمز، بطل سلسلة القصص البوليسية الشهيرة التي ألفها السير آرثر كونان دويل، في مزيج بين الوقائع الشخصية التي تعرض لها دويل نفسه في الحقيقة، وبين الوقائع المتخيلة للشخصية التي رسمها، المحقق شيرلوك هولمز، وأحسب أن من المهم ملاحظتها قبل أن اتحدث عما فهمته من الفيلم.

في السلسلة الأصلية، سنجد أن من يدون الوقائع هو الدكتور واطسون صديق هولمز وشريكه في العمل، بينما يكتفي هولمز نفسه بأداء دور البطولة، ولكن في الحقيقة فإن السير كونان دويل كان طبيبا، ربما لهذا اختار ان يدون طبيب سيرة بطله، كما انه اقتبس شخصية هولمز، وقدراته في الفراسة من شخصية أحد اساتذته.

ولكن المحقق الذي ابتكره كونان دويل، وصنعه من مخيلته، طغت شهرته، وغطّى على اسم مؤلفه ورسمه، لدرجة أن الرسائل التي كان المعجبون يرسلونها إليه كانت تعنون وتصل لبيته مدموغة باسم شيرلوك هولمز، لا اسمه كمرسل إليه، ليس لكونان دويل شخصيا، بل مَنح الناس لقب النبالة الذي كرمته به الملكة لهولمز، فصار السير شيرلوك هولمز، حتى فاض به الكيل وقرر قتل محققه في إحدى الروايات، ثم عاد بعد سنوات من العزلة ليبث في روحه الحياة، ويبين انه كان مختفيا في أحدى القرى النائية في أوربا.

أما في هذا الفيلم فإن هولمز نفسه هو من يدون القصة، لأنه وجد في الوقائع التي رواها صديقه واطسون لذات القصة شرخا يخالف منطقه، منطق هولمز، وما يعرف انه كان ليفعله في مثل هذه الملابسات، الأمر الذي لم يستطع تفسيره، لوطأة اعراض الشيخوخة والنسيان الذي يعصره عصرا، الأمر الذي تطلب ان يتم قص الفيلم بطريقة تداعي الذاكرة، والقفز بين الحدث الحاضر والحدث الماضي، عبر ذاكرة عجوز خرف بكل ما يمكن ان يثيره هذا الموقف من التباس وغموض، مما يذكرك بالروايات العظيمة التي كتبت بهذا الاسلوب، مثل الصخب والعنف.

سنجد في لحظة تذكر ان هولمز يسكن في عنوان هو غير المعلن عنه رسميا، وان السائحين وغيرهم يزورون ويرسلون الرسائل للعنوان الخاطئ الذي زوده بهم د. واطسون، بيت آخر مقابل البيت الحقيقي، ليقف هولمز بكل اعتداده بنفسه، ونرجسيته العالية يراقب من بعيد ساخرا من هؤلاء الناس، متمركزا في علياء عزلته التي يراها لائقة بشخصه، كما سنستشف من كلامه لاحقا.

ولكن الحقيقة انه كان يدرك مدى ما تحمله هذه العزلة من قسوة وخداع في ذات الوقت، سنجده طوال الفيلم يحاول جاهدا أن يتمسك بأطراف ذاكرته الممزقة، علها تقيه عري الوحشة التي تعصف به في أيامه الأخيرة، ممتزجة بشعور طاغ بالذنب، يسيطر عليه ويفقده راحته الموهومة، لسبب غامض لم يعد يتذكره، انه غارق في عزلته، ويدرك مدى وحشة هذه العزلة تحت وطأة الخرف، ثنائية معقدة، شعور بالذنب من سبب مجهول، قاده لعزلته، وعزلة قاسية تلح عليه لتذكر سببها الرئيس، دون أنيس، أو محفز للحياة.

ثم يجد في الفتى (روجر) ابن مدبرة منزله خشبة أمل وسط بحر الذاكرة المثقوبة واللارغبة في الحياة الذي يغرق فيه، طفل ذكي لدرجة لافتة، حتى أن هولمز وفي فظاظة معهودة منه يقول لوالدة روجر ان الاطفال الاستثنائيين يولدون في العادة لوالدين لا يملكان ما يثير الانتباه، طريقة تعامله مع الفتى، وحرصه الشديد عليه تخبرك بأنه تحت هذه التصرفات القاسية انسان، قلب ينبض بالمشاعر وليس صخرة من قسوة لا رجاء فيها.

بل إن بعض التفاصيل المتعلقة برحلته إلى اليابان تبدو وكأنها مخصصة فقط للكشف عن ذلك الانسان القابع في أعماقه، رغم ما أحاطه به من حواجز، هو يسافر إلى اليابان للبحث عن عشبة الرماد الشائك، علّها ترمم ذاكرته المتداعية، وفي مشهد مبهر، يزور هيروشيما وفي وسط دمار القنبلة الذرية، ورماد الموت الذي يملأ المكان بوحشية، يركض مضيفه الياباني فجأة، ليزيح كومة من الرماد بيديه، بعد ان اكتشف وجود تلك النبتة التي يبحث عنها هولمز، يقول هولمز لاحقا وهما جالسين في المطعم مستغربا من طريقة إيجادهم للعشبة (هيري سانشو): كنت احاول احتساب احتمالية إيجاد (هيري سانشو) في مكان يخلو من الحياة تماما، فيجيبه الياباني: ربما هي الحياة التي ترغب بتأكيد وجودها!

الولد (روجر) ـوأثناء سفر السيد هولمز إلى اليابان لتدارك ذاكرته ـ يدخل إلى مكتب هولمز، ويقرأ القصة التي يحاول العجوز الوصول بها لنهاية تريحه، ويعرف بذكائه انها السبب في شعوره الطاغي بالذنب، ثم يكتشف الرجل ـ الذي قضى حياته في تتبع الأدلة ـ بعد عودته ان الطفل قد قرأ مسوداته، ويبدأ بالنقاش معه حول الأمر، منبهر من ذكاء ابن المدبرة هذا، ورويدا… يقتحم روجر حواجز هولمز، فيشركه في العناية بنحلاته، التي يشكل وجودها إشارة مهمة في حياته سنعرفها لاحقا قبيل نهاية الفيلم.

أحسب أن الفيلم يحاول القول لنا بأن الانسان ومهما غطى نفسه بالقسوة، وأفرط في عزلته، فإنه في النهاية كائن لا يرغب بالعيش بمفرده تماما، يصرح هولمز في لحظة من البوح النادر أمام امرأة ـ صنعت به في ربع ساعة ما يعادل عمره الموحش كله ـ انه كان طوال حياته وحيدا، مع امتياز الذكاء، كتعويض لهذه العزلة، تسأله المرأة المفجوعة بأطفالها: وهل كان هذا كافيا؟ هنا يشعر بالمفاجأة، ويتبخر كبرياءه ليقول دون ثقة كبيرة ونظرة شك بائسة تعلو وجهه: ممكن أن يكون، ولأنه يدرك سخف ما زعمه، استطرد قائلا: شرط ان يكون الانسان محظوظا كفاية ليجد مكانا في هذا العالم يعيش عزلته فيه، صحبة روح لديها رغبة مماثلة لرغبته في تلك الوحدة، مقرا بأن الوحدة المطلقة غير ممكنة للانسان، لكل إنسان.

بل اننا سنكتشف في النهاية، ان هذه الفضاضة الشديدة والنرجسية الفاقعة لم تكن سوى نتيجة لشعوره العارم بوطأة الوحدة على روحه، وأن عمله كمحقق لم يكن إلا تعويضا للشعور بالذنب تجاه سلوكياته تلك، ففي لحظة من الفيلم، وبعد ان تهاجم الدبابير روجر، وعقب محاولة أمه ان تحرق خلايا النحل بظن انها من لدغت ابنها، يحاول هولمز منع الأم، التي تتهمه بأنه لم يهتم لروجر، وأن عاطفته لم توجه لسوى نحلاته، تقول له بأنه لم يأبه بروجر الصغير، فينخرط هولمز الجبار القاسي بالبكاء على الطفل الذي يحبه كثيرا، الذي من الممكن أن نستنتج انه يجد فيه صورته، ذلك الذكاء الاستثنائي ـ ما دمنا لا نعرف شيئا عن هولمز ونشأته، ومحيطه العائلي سوى ما يرد من إشارات لأدوار معينة أداها شقيقه الارستقراطي في حياة هولمز العملية ـ.

إزاء غضب الأم التي تكاد ان تخسر طفلها، يعترف هولمز الباكي بأنه لم يأتِ إلى هذه العزلة إلا ليتجنب إيذاء شخص آخر، لأنه وبأنانية مفرطة، وخوف من التجربة رفض ان يساعد آن ـ المرأة التي اعترف لها بوحدته وصنعت في نفسه كل تلك المشاعر المتضاربة رغم انه لم يقض معها سوى وقت قصير ـ ونتيجة لسلوكه ذاك انتحرت المرأة، فقرر ان يأتي هنا، بعيدا عن الناس، لكي لا يجد سبيلا لإيذاء أحد آخر.

في نهاية الفيلم يحاكي هولمز ما شاهده في رحلته اليابانية وسط هشيم هيروشيما المفجع، حيث لاحظ ـ وقتها ـ رجلا قد صف دائرة من الأحجار حوله، ودأب بينها راكعا ساجدا، وإزاء نظرة السؤال التي علت وجهه يخبره مضيفه الياباني بأن هذه الاحجار هي رموز عن الأحبة الذي فقدهم الرجل، وهو جالس هنا لتكريمهم، ليصف هولمز في زاوية من ارضه أحجارا بيضاء، وهو يعدد أسماء من فقدهم، أخوه، واتسون، آن…

أنها بالفعل الحياة التي ترغب بتأكيد وجودها، هولمز، ورغم القسوة التي أحاط نفسها بها، ما هو في النهاية إلا انسان، يحمل في أعماقه مشاعر حب شاء أم أبى، هو في النهاية مثال آخر لما كتبه اندريه مالرو يوما، وهو يقص ردة فعل عمه على انتحار والد مالرو، شقيقه: (الانسان؛ كومة بائسة من الأسرار)، وجمع يديه كمن يكوّم اوراقا يابسة على منضدته، وهولمز هنا، ما هو إلا تلك الكومة البائسة من الأسرار، لا نعرف عنه الكثير، لكنه ومن المعلومات القليلة التي يمنحها لنا عن نفسه يؤكد ذلك، مهما حاولت ان تكون قبيحا، فإنك لن تتمكن من القضاء على ذلك الإنسان القابع في أعماقك، الذي صنعته الحياة، وكونته التجارب، وإن القسوة المصطنعة لابد ان يكون في جسمها المتين نقطة ضعف تنفذ عبرها مشاعرك الدفينة، كما تفعل الحمم البركانية بالأرض.

رغم ذلك، من الواضح ان الفيلم لا يحاول تقديم هذه الفكرة بوصفها قاعدة عامة كما احسب، إذ من غير الممكن تفسير سلوكيات القسوة والجرائم الجماعية التي يقوم بها الانسان اليوم، في مناطق كثيرة من هذه الأرض، وبطرق شتى، وفق هذه القاعدة، وهذا التعميم، أنا احسب ان الفيلم كان يدور حول الفرد، حول الذات الفردية التي لم يتم تحفيزها لممارسة الجريمة ايديولوجيا لا أكثر.

وبالتأكيد فلا يمكن أن يخلو الفيلم من ضرورة ممارسة هولمز لألعاب الاستنتاج في التحقيق الخاصة به في عدة مواضع، مثل استدلاله على ان الدبابير وليست النحلات من لدغت الصغير روجر، وغيرها من المواقف التي لا يجب ان افسد متعة مشاهدتها بالإخبار المسبق عنها.

Director: Bill Condon

Stars: Ian McKellen, Laura Linney, Hiroyuki Sanada

لمعلومات أخرى عن الفيلم انظر على imdb:

Mr. Holmes

عن كربلاء وأشياء أخرى

 

(1)

يذهب بعض علماء الاجتماع والعلماء النفسيين إلى أن السنوات العشر الأولى من عمر الانسان بالغة الخطورة، وأن جزءا كبيرا من اللاوعي يتكون خلالها، وأن تلك الرواسب الكامنة كالأسس في الأعماق، تظل الصفيحة الأساس التي تقوم عليها بقية ما يكونه الإنسان لاحقا من صفائح، يقيم عليها بناءه الروحي والفكري، وأنها كذلك تظل تطفو على طبقات التجارب والمعارف التي يراكمها خلال حياته الطويلة، لتعلن وجودها الحاد بمناسبة أو بدون مناسبة، لتوّضح لك كيف تكون هذا الانسان، ومن أين جاءت عقده، ومسالك معتقداته، أتذكر انني كنت أتذاكى وأصنع من نفسي خبيرا بالنفس فأقول: (الانسان هو لاوعيه).

(2)

كطفل نجفي، سيكون من اللازم أن تكون نقطة اتصالي الأولى بالنشاط الجمعي لسكان المدينة هي المجالس الحسينية، فكيف بي إذا كان جدي لأبي ـ الذي توفي قبل ولادتي بعقد ونصف ـ هو رجل دين، وخطيب حسيني، تتوسط صورته بالعمامة بيتنا القديم في طرف البراق، لتحتل جزءا مميزا من ذاكرتي، جنب صورة متخيلة عن مكتبته العتيدة التي بيعت قبل ان تمر اربعينيته، ليشتريها زميله الشهيد السيد جواد شبر، كل ذلك، يصطف جنب صور قديمة غير واضحة تماما بالنسبة لي، أرتدي خلالها (دشداشة) سوداء، و(عركجين) اسود مطرز بـ(البلك الذهبية) وقد كتبت والدتي بتلك الذهبيات على مقدمته (يا حسين).

(3)

لا أتذكر بالضبط أول مجلس عزاء حسيني (تعزية كما نسميها في النجف) حضرته، لا زلت مترددا بين المجلس الذي أقامه الخياط حمودي في سرداب العمارة التي كانت تضم محله وخياطين آخرين [للمكان قصة ترتبط بها الأسطورة بالحلم بالعقيدة، وذكرها سيكون إطالة لا داعِ لها]، أو انها كانت تعزية آل المعمار؟ في منزل زعيمهم القديم في البراق، ولكن ما اعرفه بتأكيد ان تعزية آل المعمار كانت تبدأ قبيل طلوع الشمس، يوزع فيها كبير الاسرة طعام الإفطار، ومنه، ينتقل الناس عبر العكود (الدرابين، الأزقة الضيقة) إلى تعزية بيت القرشي، يقيمها الشيخ باقر شريف القرشي في بيت أخيه الشيخ هادي ـ رحمهما الله ـ في طرف البراق، في عكد آل شايع، بيت مبهر، متعدد الطبقات، كان الدخول له في أيام ضيق منازلنا تلك حلما مبهرا، كان التنقل بين الحجرات التي تفتح كلها لاستيعاب الداخلين، في طبقاته متعدد وصولا إلى السطح في جو الحزن ذلك أشبه بالمغامرة، لا أذكر من كان خطيب آل المعمار، لكني لا زلت أتذكر المرحوم الشيخ صالح الدجيلي خطيب بيت القرشي، وكان يعقبه بالتناوب بين يوم وآخر اثنين من (الرواديد)، يقرأ كل واحد منهما (كعدية: شعر دون لطم، وأحيانا يغامر احدهم بقراءة لطمية) الأول هو الشاعر الطائر الصيت الحاج عبد الرسول محي الدين، ولا زلت أذكر انه قرأ قصيدة عن حبيب بن مظاهر، وأنه قرأ مرة قصيدته (من على التل تصيح) القصيدة التي تقرأ بطور قديم استثمره عباس جميل مرة في أحدى اغانيه وهي (جيت يهل الهوى)، والثاني هو الشيخ طاهر امين شلاش، ثم يرسلني أبي إلى البيت عقب المجلس، ليذهب إلى بقية يومه، في الايام الاعتيادية إلى الحي الصناعي، وفي الجُمع إلى حيث لا أعرف، كما لا زلت لا أعرف أين يذهب، وكيف يفكر حتى اليوم، اتذكر مرة وحيدة صحبني فيها إلى تعزية في (عكد بيت الرشدي)، كان الخطيب هو صديق جدي وزميله، المرحوم الشيخ نعمة الساعدي، ولا زالت القصة التي قرأها حاضرة في ذهني، ربما لصوته العجيب الذي كان يقتحمك اقتحاما، وربما لأن أبي على غير عادته اصطحبني معه إلى احد امكنته، الأمر الذي مثل لي أمنية عزيزة، وربما لأني قرأت القصة في أحد دفاتر جدي القديمة التي كان يعد مجالسه فيها مسبقا.

ولكن تفاصيل التعازي الأكثر حضورا في بالي من تلك الطفولة هي التي اصطحبني إليها الرجل الأكثر تأثيرا في حياتي؛ جدي لأمي الحاج صاحب إعبيد الزهيري، اثنين منها على الأقل، الأول مجلس آل المرعشي في بيت الشهيد المرعشي الذي تحول إلى مدرسة الآن مقابل جبل الحويش، أتذكر حديثا دار عن المياه وطهارتها بين جدي وآخرين احدهم شريك جدي السابق، وصديقه، الحاج محمد الأيرواني، عقب انقضاء التعزية، وكنا على سطح الدار في الصيف.

الثاني هو مجلس الحاج محمد الأيرواني ـ نفسه ـ في بيته بالحي الاشتراكي، حيث شاهدت للمرة الأولى رادودي الأزلي، عبد الرضا البغدادي، وهو يقرأ القصيدة التي يحرص أبي على سماعها دوما (اطفال ونساوين)، كانت صحبة جدي، وفخامة البيت، وعبد الرضا، مزيج لا يمكن لي نسيانه أبدا.

كان لابد لي من ذكر هذه التفاصيل، قبل أن اعرّج على ذكر تفاصيل أسرية أخرى، تشد لاوعيي إلى كربلاء، سرديات تاريخية تعصف بروحي مهما كبلتها قيود عقلي.

(4)

كتبت قبل سنتين تقريبا بطلب من صديق تولى رئاسة تحرير مجلة نجفية مقالا عن كربلاء، كان عنوانه (كربلاء في الشخصية العراقية) تتبعت فيه باختصار شديد، وبعاطفية ملحوظة ما أراه آثارا لكربلاء الحسين في الشخصية العراقية، كتبت ان ما فشلت الدولة في صنعه من ولاء، وقدرة على التضحية لوطن حاضر في نفوس مواطنيه، قامت به تضحيات الحسين بكل رصيده الديني، وشجاعته العظيمة، ورفع بكربلاء تلك روح التضحية لدى العراقيين، وكتبت ان كربلاء الحسين كانت حاضرة في نفوس العراقيين بطرق مختلفة، باختلاف العراقيين ومواقعهم الاجتماعية: يخافون منها، يحزنون لها، وانها صبغت حياتهم بالحزن بالاضافة لميراث الحزن الطويل الذي رافق هذه الأرض، حزن يتوهج في لهجتهم، ومفرداتها الحزينة، وتراكيبها الممتلئة بالوجع، وكتبت في الأخير ان كربلاء كانت بالنسبة للكثير من العراقيين الفجيعة؛ والعزاء عن الفجيعة في ذات الوقت، ثنائية الفقد المقدس التي تصبّر المرء على فقده الشخصي.

(5)

كانت جدتي لأبي رحمها الله من النساء اللواتي فقدن الكثير من ابنائهن الذكور في طفولتهم، ثم تزوجت جدي بعد ان ولد له عدة ذكور من زوجته الأولى، وولدت لها اثنتين من الاناث قبل أن يطل عمي محمد علي بولادته، ليجبر خاطرها ووعورة عيشتها تلك، وسط الشرائك، ووسط أبناء أب يكبر أولهم أصغر أبناءها بخمسة وأربعين عام.

وفي السابعة عشرة من العمر، أوائل السبعينات، كان عمي محمد علي قد قرر ان يذهب مشيا إلى كربلاء في اربعينية الحسين، ولم يعد من زيارته، فقد غرق في أحد الآبار المنتشرة على طول الطريق.

هنا، تتناقل الأسرة حادثاً تتداخل فيه الأسطورة بالواقع، فبعد ان وصل الخبر إلى النجف، انفلت كل فرد من الاسرة يبحث عن الغريق في مكان، إلا أمه، ركبت سيارة إلى كربلاء، وأوقفت السائق في نصف الطريق، نزلت وتوجهت مباشرة ـ بقلبها الذي يحفظ الطريق، بعين القلب كما يقول النواب ـ إلى الخيمة التي سُجّي فيها ولدها الغريق، وضعت رأسه في حجرها، ثم انخرطت تتلو قصيدة عبد الأمير الفتلاوي في رثاء القاسم بن الحسن، القصيدة التي تبدو لي أنها كتبت لكل أم عراقية مفجوعة بولدها، وليس لرملة، وولدها القاسم وحسب:

آه يبني شكول عليك آه يبني

دولبني زماني بيك دولبني

كان عبد الرضا الرادود واقفا هناك، فانخرط يقرأ القصيدة، والزوار يلطمون حول الجسد الغافي في حضن أمه، الحلم الذي غرق قبل ان يتجلى، وحتى اليوم، لا تسمع عمتي هذه القصيدة، إلا ومزقها الأسى والبكاء، وهي تندب القاسم، متعزية به عن أخيها الغريق، الذي مات أبوه حرقة عليه بعد أشهر، بعد ان فقد أخٌ آخر له قبل مدة، وتعزى عنه بالحسين، وتلك قصة أخرى، لا تقل أسطورية عن هذه.

(6)

كان جدي يقرأ في مجلس من مجالسه في البصرة في شهر محرم، بينما دهس أحد سواق السيارات الدليم الذين ينقلون (الرقي/ البطيخ الأحمر) إلى النجف عمي عبد الزهرة وهو طفل صغير، ليقتله.

فوجئت الأسرة بالأب يدخل صباحا إلى البيت قاطعا سفرته، وما أن دخل حتى سأل: من الذي مات من أولادي؟ وبين تعجبهم من سؤاله، ومحاولتهم الالتفاف قبل اخباره، قال لهم، كنت نائما، وجاءني الحسين في المنام، أنهضني من غفوة، ناولني كأسا من شراب وهو يلح علي أن أشربه، ولما أدنيته إلى فمي كان مراً كالصبر، فلم أقوَ سوى على شرب نصفه، لقد منحني الحسين الصبر، فأخبروني عمن مات من أولادي.

ولكن المفارقة ان ابنه الذي مات على طريق الحسين، لم يجد له من عزاء، فذهب على أثره سريعا.

(7)

لماذا اكتب هذه الكلمات الآن؟

ربما لأني لا أجد ما افعله سوى هذا، ربما لأني أمر بأكثر أوقاتي ضعفا، وربما لأن اليوم كان موجعا جدا لي، لأمر يخصني، لا أعرف بالضبط ما يدعوني لكتابة هذه الأسطر، ولكن ما أعرفه أنني حتى اللحظة، لا أكف عن استحضار جرعات الأسى الهائلة التي تلقيتها في هذه الأرض، من تاريخها، وعقائدها، وتراثها، وكربلاء وسط ذلك كله ذروة الحدث، الحدث الذي يمنعني من كتابة أي شيء عنه، لأنني لن أكون محايدا مع كل هذا الميراث العاطفي والخزين الذي عززه اليساريون ـ ما غيرهم ـ في روحي تجاه شهداء كربلاء وآل علي، ولأني وما أن يمر أمامي جثمان شاب ملفوف بالعلم الأكثر قسوة، علم وطني، إلا وصرخ جاسم النويني في أعماقي بقصيدة عبد الحسين أبو شبع:

جسام يا ضنوتي

رايح

رايح من عيوني

تجربة سلطنة عمان التنموية… سياسات التعمين (4)

القسم الرابع….علي المعموري

ثالثا: المرأة والطفل والخدمات الصحية.

تشكل هذه الثلاثية متلازمة ضرورية واكيدة في عملية التنمية فبدون المرأة التي هي نصف المجتمع لا يمكن ان تسير التنمية بورة ايجابية وذلك لأن المرأة هي الحاضنة الاولى لبناة المستقبل كما ان هناك امورا ومهام لايمكن لغير  النساء ادائها ضمن مجتمعات اسلامية محافضة وضربت عمان مثلا يستحق التقدير في هذا المجال ولو من حيث الشكل العام لجهودها في تطوير قدرات المرأة وتعليمها تعليما يوازي مايناله الرجل وفي جميع التخصصات وكذلك على المستوى الاداري والسياسي حيث ان عمان من اوائل الدول العربية التي اعطت المرأة حق التصويت والترشيح للسلطاات التشريعية وسبقت دولا خليجية تلعب الحياة البرلمانية فيها دورا كبيرا وفاعلا ـ مثل الكويت ـ حيث بدأت التجربة العمانية بالسماح للنساء بالمشاركة تمثيلا وتصويتا في اتنخابات مجلس الشورى الاولى (1994) ولكن في ولايات العاصمة الست فقط. اما في اتنخابات (1997) فقد سمحت بالمشاركة التامة لكل النساء وبلغت نسبة تمثيلها حوالي (10%) على مستوى البلاد وإن ظلت مساهمتها محدودة حيث اقتصرت على (27) امرأة من بين (736%) اي بنسبة (3,66%).

الى جانب ذلك تشغل النساء اربعة مناصب وزارية (سنة 2007) هي وزارات التعليم العالي والسياحة والتنمية الاجتماعية ورئيسة للهيئة العامة للصناعات الحرفية إضافة الى مكانها التقليدي ضمن مجلس الشورى وعضويتها ضمن مجلس الدولة ومجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة عمان ومجلس رجال الاعمال الى جانب مناصب رفيعة في الجهاز الاداري للدولة والادعاء العام ومجالس ادارة بعض مؤسست القطاع الخاص.

من جانب آخر تشكل برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية جزءا هاما من منضومة رعاية المرأة فقد تم تخصيص معاشات شهرية ضمن قانون الضمان الاجتماعي تصرف للارامل والايتام والعاجزين عن العمل والمطلقات واسر السجناء وغيرهم ممن لايوجد لديهم معيل ملزم وقادر على الانفاق عليهم وقد تم تخصيص (16) قطعة ارض عام (2005) لأسر الضمان الاجتماعي إضافة الى منح اخرى مثل منحة العيدين ومنحة تأدية فريضة الحج والمساعدات المالية الطارئة والاعفاء من رسوم الخدمات الجامعية للابناء على نفقة الدولة وغيرها من الامور بالاضافة الى ذلك بدأت برامج تطوير مهارات النساء ضمن بعض القطاعات البسيطة والواسعة الانتشار في نفس الوقت على سبيل المثال برامج تعليم الخياطة التي ادت الى ان تسيطر النساء العمانيات سيطرة شبه تامة على هذا القطاع.

وما يتعلق بالطفولة، وفي نفس السياق، فقد خطت عمان خطوات كبيرة في هذا الموضوع فأولا نظرت بعين الاهتمام مشاكل المعاقين حيث تأسست دار رعاية الاطفال التي تخدم الاطفال في سن (3ــ14) سنة اضافة الى مراكز الوفاء الاجتماعي وهي مراكز تطوعية اهلية ترتكز على تأهيل المجتمع المحلي لرعاية المعوقين ويستفيد منها اكثر من (1870) طفلا وطفلة معاقة وحققت عمان ميداليات ذهبية وبرونزية ديدة في مباريات المعاقين الدولية في عدد من دول العالم.

وايضا فقد اعيد تشكيل وتحديد اختصاصات اللجنة الوطنية لرعاية الطفولة والتي انبثقت منها لجنة متابعة تنفيذ بنود اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عمان عليها ووصلت بيوت رعاية الطفل والحضانات حتى الى المناطق الريفية.

وهناك ايضا دار رعاية الطفولة التي تخدم الايتام وايضا نظام الاسر البديلة التي تحتضن الاطفال الايتام ضمن نطاقها وتلعب دورا هاما في رعاية الطفولة.

اما قطاع الخدمات الصحية فهو  من اهم القطاعات التي حققت تطورا واسعا وملموسا في كل ميادين الرعاية الصحية. واعتمدتعمان نظام توفير الرعاية الصحية الاولية كمدخل اساس للرعاية الصحية بكافة مستوياتها وبدرجة عالية من الجودة في مختلف نطق السلطنة  حييث توفر (49) مستشفى ـ منها (13) مستشفى مرجعي ـ تشكل نسبة (90%) من اجمالي المستشفيات في السلطنة وفق احصائيات عام (2007) وتقدم المراكز والمجمعات الصحية والعيادات الخارجية بالمستشفيات الرعاية الصحية الاولية والفاعلة والجيدة وتنتشر في كل مناطق عمان.

والمستوى الثاني تقدمه المستشفيات المرجعية في عشر مناطق صحية وهي توفر رعاية اكثر مهارة وتخصصا وفي المستوى الثالث للرعاية الصحية توجد المستشفيات التخصصية وهي مستشفيات تتخصص بتقديم رعاية صحية ذات تقنية عالية في احد المجالات الصحية خاصة. وهي تنقسم الى ثلاث مستشفيات: مستشفى خولة يتخصص بجراحة الحالات الدقيقة المتعلقة بالعظام والمخ والاعصاب والتجميل والحروق وغيرها ومستشفى النهضة لجراحات الانف والاذن والحنجرة والعيون والاسنان والامراض الجلدية ومستشفى ابن سينا للحالات العصبية والنفسية.

وفي غضون ذلك كله تحرص عمان على توفير مناخات مناسبة للانشطة الرياضية والنشطة الثقافية والعلمية والمهرجانات وتطوير الهيئلت الكشفية مما ينصب جميعه في النهاية بعملية تطوير قابليات الانسان العماني ورفع قدرته على المساهمة الفاعلة في عملية التنمية.

[الصورة المرفقة وردت من دون ذكر اسم صاحبها في الموقع الذي استعرتها منه، وهي لمشهد من عمان]

يتبع

تجربة سلطنة عمان التنموية… سياسات التعمين (3)

القسم الثالث.. علي المعموري

مدخل الديمقراطية والحكم الصالح:

في الواقع ان تجربة عمان في مسيرة التنمية تجعلنا نتسائل عما إذا كانت الديمقراطية شرطا اساسا في عملية التنمية؟.

فنظام الحكم في عمان لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان يوصف بأنه ديمقراطي وفق المعايير الحديثة لتقييم الديمقراطية، فلا هو ملكي دستوري يملك فيه الملك ولا يحكم ولا هو بالذي يتصف بفصل السلطات فشخص السلطان هو الاسمى ومنه تنبع القرارات واليه تعود وهورمز وحدة البلاد وذاته مصونة وهو غير قابل للمسائلة او المساس ـ وهووما اشرنا اليه سابقا ـ وهو بأمر ملكي ـ أو نطق سامي ـ يسن التشريعات والقوانين ويلغي القوانين والتشريعات وهو الذي يضع المباديء الاساس التي تبنى على وفق معطياتها خطط التنمية وحتى النظام الاساسي للبلاد الذي منح السلطان هذه القداسة الدستورية لم يصدر الا سنة (1996) اي بعد (26) عام من الحكم المطلق بدون اي دستور او قانون يوضح طبيعة السلطة في عمان.

من جانب آخر فإن السلطة التشريعية التي تتمثل في الديمقراطيات الراسخة بالبرلمان والتي تكون اقوى السلطات لأن جميع مفاصل وسلطات الدولة الاخرى تكون مسؤلة امامها حتى هذه السلطة ويمثلها في عمان مجلس الشورى ليست فاعلة او تكاد؛ فمن حيث الاهمية هي تقع في المرتبة السادسة فيما يتربع السلطان على قمة الهرم ـ وهو  ترتيب ورد فيالنظام الاساسي للسلطنة ـ واعضائها يتم اختيارهم من قبل الشعب عبر ممثلين ثم يقوم السلطان بأختيار من سوف يدخل المجلس من الفائزين بالترشيح. ولكن اذا ما لاحظنا مستويات اللنجاح العمانية في المسيرة التنموية فسوف نعود الى التساؤل: هل ان الديمقراطية شرط اساس للتنمية ام لا؟ ام ان للخصوصية العمانية شأن آخر؟ شأن يندرح ضمن خصوصيات بلدان العام النامي والمجتمعات التقليدية بصورة عامة، تلك المجتمعات التي لا يمكن باي حال الانتقال بها مباشرة من حالة التخلف والركود والتقليدية الى ديمقراطية مفاجئة تدع للجميع وعلى السواء؛ المثقف المتعلم والجاهل والأمي يختارون شكل الحكم على هواهم تاركين لخلفياتهم العقائدية والمذهبية والعرقية ان تتحكم بهم وتسيرهم في عمليات التصويت واختيار الانظمة فيختار الطائفي ابن طائفته والتقليدي ابن عشيرته الى آخر هذه المصائب.

ولكن من جانب آخرف النسيج الاجتماعي العماني لا يشكل تنوعا حادا في التكوين وحتى على اختلاف الطوائف فيه فلا يوجد فروقات حادة ويكاد يكون مجمعا على شخص السلطان ولعل هذا ما وفر له ـ السلطان ـ الغطاء الكافي ليهيمن بشخصيته القوية على جميع نواحي الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد وهو ما وفر له وحدة قرار مركزي سيطرت على التناقضات التي قد توجد في اي جهاز اداري ناشيء ضمن بلدان العالم النامي ـ مع ملاحظة ان الانتماء الى العائلة المالكة (البو سعيد) لا يعد شرطا اساسا للوصول الى المناصب العليا في السلطنة وهو ما يختلف عن الحال في بقية دول الخليج ـ هذا بالاضافة الى التجديد المستمر في الوجوه الي تمسك الادارات العليا كالوزارات وصعود قيادات شابة محل القديمة من ضمن الادارة نفسها بشكل مستمر لضمان تدفق الحيوية في عروق الدولة كل هذا جعل نسب الفساد الاداري تصل الى ادنى مستوياتها في عمان فقد صنف تقرير منظمة الشفافية للعام (2005) عمان كأول دولة عربية من حيث قلة الفساد الأداري، واحتلت المرتبة (29) على المستوى الدولي من بين (159) دولة اخرى شملها التقرير ولم تسبقها بالترتيب اي دولة عربية.

بالإضافة الى ذلك فقد منحت عمان الجائزة الكبرى للحرية الاقتصادية للعالم العربي التي يمنحها معهد فريزر الكندي ومؤسسة البحوث الدولية للعام(2005). وكذلك فإن تقرير البنك الدولي حول فعالية القانون ومؤشرات الحكم الجيد للعام (2004). وضع عمان فيمقدمة البلاد العربية وفي المرتبة (17) على المستوى الدولي من بين (127) دولة اخرى والذي صدر في (2005).

وإذا اردنا ان نقيم عمان من حيث مدى تمكنها من تطبيق مثلث الحكم الرشيد الذي يضم السلطة الواعية والقطاع الخاص المتفرد والمجتمع المدني الناشط فسنجد انها ومن حيث وجود السلطة الواعية فهي تمتلك هذه السلطة اما القطاع الخاص فقد بدأ ينشط ضمن توجه الحكومة نحو تنشيط القطاع الخاص إذ بدأت بتخصيص ـ لا يصح لغويا قول خصخصة ـ بعض  المؤسسات الخدمية التي تديرها الدولة مثل قطاعي الماء والكهرباء وتم التخطيط لأن يتولى القطاع الخاص نسبة (46%) من اجمالي استثمارت الخطة الخمسية السابعة (2006ـ2010).

وبالنسبة للمجتمع المدني المدني الناشط فلا يمكن ان تصنف عمان ضمن الدول ذات المجتمع المدني الناشط إذ لا يوجد فيها مثل هذه التنضيمات الفاعلة حقا وبالرغم من سماح قانون العمل ضمن التعديل بمرسوم سلطاني الذي صدر برقم 74/ 2006 بالرغم من سماحه بتشكيل نقابات ضمن ما يمكن ان يعتبر وجها من النشاطات اللاحكومية ضمن بنية المجتمع المدني فلا يمكن ان نجد اليوم نقابات قوية في عمان والجمعيات المدنية المسجلة رسميا لدى الحكومة والتي بلغ عددها سنة 2007 حوالي 66 جمعية ـ تشكل الجمعيات النسوية اغلبها (45 جمعية) وهو امر يستحق مزيدا من النظر ـ لا يوجد لها اي دور فاعل كمجتمع مدني ناشط يؤثر على الحكومة كما يتأثر بها.

وفي الواقع فإذا بدأنا الحديث ضمن مدخل الديمقراطية والحكم الصالح بتساؤل حول علاقة الديمقراطية بالتنمية وبينا انعدام اي ديمقراطية للنظام العماني الذي نجح في مسيرتها التنموية فإننا نعود هنا الى الاجابة عن السؤال بإقرار وجود الصلة ولكن نعيد القول بأن لعمان خصوصيتها بكونها دولة نامية من جهة وبكونها عمان من جهة اخرى؛ عمان التي تتمتع بخصوصيات تاريخية واجتماعية حتمت ان يكون نظامها على ما هو عليه.

ان الديمقراطية شرط اساس ـ ولا نقاش في ذلك ـ لتحقيق التنمية ولكن هذه الديمقراطية يجب ان لا تضخ بصورة مفاجئة في بلدان العالم النامي المتخلفة ويجب ان لا تستورد كآليات وقوالب قد لا تنتج الشكل الملائم محلياً بل يجب تطوير المناخات الديمقراطية ضمن خطوطها الرئيسة من حيث فصل السلطات واختيارها بواسطة الانتخاب مع مراعاة الخصوصيات الاجتماعية لكل بلد.

يتبع

[الصورة المرفقة وردت من دون ذكر اسم صاحبها في الموقع الذي استعرتها منه، وهي لمشهد من عمان]