أن تكون مفكرا على الطريقة الامريكية!

علي المعموري

الفلاسفة الامريكان العظام لم يكونوا ممثلين للروح الامريكية والفكر السياسي الامريكي، والحقيقة انهم يبينون بأنهم امتداد لجذور الفكر الانساني الاوربي في الأرض الامريكية ولا ينتمون إلى الروح التي صار إليها النظام السياسي الامريكي اليوم، انهم يمثلون الفرادة الامريكية في الانفتاح والاندماج واستقطاب الجميع، ولا يمثلون العنجهية الأمريكية الحكومية.

سام هاريس وأضرابه يمثل جناحا يدعي الفكر والفلسفة من اجنحة السياسة الخارجية الامريكية، ذات الاسلوب الفظ والعنجهية المتعالية، واليقينية المطلقة وهو لا يختلف عن مفكرين آخرين خانوا العلم بوضعه في خدمة المصالح السياسية القذرة مثل برنارد لويس وصامويل هينتغتون وهنري كيسنجر وفرانسيس فوكوياما وعراب الشر المالي ميلتون فريدمان، وعصابة المجرمين من المحافظين الجدد، حتى صار الاجرام يرتكب باسم العلم بما وضعوه من فذلكات تشبه فتاوى المكفرين من اتباع الدينات، ولكن ربهم الذي تسفك باسمه الدماء وتستباح العدالة والانسانية هذه المرة هو الدولار والطغيان السياسي على الآخرين الذين تمارسه حكومة الولايات المتحدة، لا يختلف عنهم سوى بأنهم كانوا مفكرين متخصصين، وكان هو متطفل على فكرهم متجاوز لدوره الأساس، ووصفه بالفيلسوف على حد سواء مع ابن سينا وابن رشد والكندي وهيغل ونيتشه وهايدغر هو جريمة مقرفة.

هناك أمريكان عظام، تعلمت منهم ولا زلت اتعلم كل يوم.

كيف لا وديفيد استون، وغابرييل الموند وكارل دويتش وروبرت داهل هم امريكيون، كيف لا وحنا ارندت، وميرسيا انياد والعظيم جون مينارد كينز واينشتين وغيرهم مارسوا أعظم تأثير على حياتنا عبر أمريكا، ولعلهم لم يكونوا ليأتوا بذلك التأثير عبر بلدانهم.

كيف لا وكبيرهم وليم فوكنر، الكاهن الأكبر في عالم الرواية.

كيف ننكر فضل اديسون ويوناس سولك وأمثالهم من العظماء الذين كان همهم العلم والانسان؟

كيف للمرء ان يتجاوز الجمال الكبير الذي منحته لنا هوليود والكثير من ممثليها، في الكثير من الافلام العظيمة؟

ولكن هؤلاء العظماء كانوا ممثلين لروح الطيبة في المجتمع الأمريكي، ولم يكونوا جزءا من الفظاظة والاستعلاء الذي تخرب حكومة الولايات المتحدة به العالم كل لحظة، وبعدة طرق، مرة بالمارينز، ومرة بنجوم اليوتيوب المتطفلين على الفلسفة والفكر.

اعرف انني احتككت برب جديد، ولا يهمني سُباب عباده، بذات الطريقة التي لا يهمني أيضا سباب عباد ربي الذي اعبد حين اعبده كما لا يفعلون.

[أعلاه صورة لعظام لا زلنا عيال عليهم، لهم الخلود في العلى، لا زال سام هاريس وصاحبه البريطاني يخوضان في بحورهم، كم واحد من هؤلاء العلماء الأجلاء كان شتاما مسفها فحاشا متطفلا مثل الآخرين المعنيين؟ والصورة هذه تم التقاطها في مؤتمر سولفاي سنة 1927]

الاثنين 21/ 12/ 2015