قضايا فيسبوكية

الفيسبوك هذا ليس إلا مساحتنا الشخصية، نفلت فيه أحيانا ما نفلته في “صفنة” تتلو “استكانين” من الشاي، ونسبك فيه أحيانا ما نفكر فيه بعد قراءة توماس هوبز.
نتحدث فيه أحيانا عن أشياء كبيرة جدا، مثل العراق، أو أشياء نظنها كبيرة، مثل حديثنا عن العراق، الذي كثيرا ما يكون حديثاً ساذجاً.
ونستطرد على صفحته في سويعات أخرى لنقول كلاما سطحيا لا معنى له خارج السياق العام المتوتر المشحون بالترقب، والأمل بعودة أحبتنا سالمين محررين، كلام لا قيمة له مثل هذا الكلام:
أكره أن يكون لدي ملابس كثيرة، أكره أن تتعدد خياراتي في اللبس، اكتفي عادة ببنطلونين أو ثلاثة، وقميصين أو ثلاثة مما يلبس في الصيف، ومما يلبس في الشتاء، أكره أن اشتري ملابس جديدة وملابسي لا تزال بحال جيدة، ولأنني لا أبلي الملابس بسرعة لحذري الدائم فقليلا ما أشتري سترة جديدة، أو قمصلة جديدة، لدي “قماصل وستر” لا زلت ألبسها منذ سنوات، لا تزال جاكيت “قاط التخرج” عام 2009 في الخدمة العامة، وحين تخرج الملابس من الخدمة العامة أدخلها الى الخدمة الخاصة فارتديها في البيت، ثم أستخدمها آخر المطاف كبطائن أعزز بها قوة أغلفة الكتب التي أجلدها بنفسي.
أكره تبديل الديكورات، وتغيير الألوان، والبنايات المشيدة بالأسمنت والحديد، اكره ناطحات السحاب، والأكل المعدل جينيا، و”تمن الوجبة”، أكره السفر برا، مغرم بالسفر بالطائرة، ابتهج كطفل اشترى له أبوه حلوى النعناع التي يحبها عند تلك اللحظة التي تنتقل فيها الطائرة من المدرج الفرعي الى المدرج الرئيس، تمشي ببطء، ثم فجأة تنطلق بسرعة وحشية حتى تقلع بنا.
أكره المطاعم الفخمة رغم أني أحب الطعام الفخم، أحب المطاعم الشعبية في النجف، كباب مطعم (المشهد) عندي أفضل من كل الأطايب التي أكلتها خلال أسفاري الى بلدان تهتم بالفخامة في الطعام، أحب المقاهي الشعبية، شرط ان تكون هادئة خالية من صخب الشباب ولا اعترض على صخب الشيوخ، أعطني مكانا انام فيه بمفردي، وسأنام كيفما اتفق، ما دمت دافئا فلا فرق عندي على الأرض نمت أم معلق في الهواء، وفي الصيف جنبني الهواء البارد، وسأنام مثل طفل صغير، أكره كريمات الوجه ومثبتات الشعر والملمعات، أعطني أشياء نظيفة وسأطير من الفرح، أكره أن أمشي أو أجلس في المنتصف، أكره فلاتر الفوتشوب التي يجلس كل مصور اقصده لنصف ساعة وهو يحاول أن يقعني بضرورة أن تمر “جهرتي” عبرها، ثم يعود خائب الأمل، ولا يطبع اسمه على الصورة التي تظهر أنفي الكبير، وشعر وجهي المهمل وتعرجات وجهي “المخربطة”.
أكره السيارات الفخمة ذات الدفع الرباعي رغم أنني أحب “الكراون تويوتا” لأسباب شخصية، والمرسيدس لأسباب تتعلق بي كشخص قلق، أبحث عن أكثر الأشياء تماسكا وقوة، مثل الدولة، دولة توماس هوبز.
#سوالف_بدون_قصد_ولا_معنى