أرشيفات التصنيف: مساحة شخصية

عن النجف والنجوم وبغداد وأشياء أخرى

علي عبد الهادي المعموري

(1)

كانت تُحب النجوم، ولما تَعَسَّرَ أن تنام تحتها، رسمت على سقف غرفتها نجوما ملونة، مثل أحلامها، مثل العصافير التي ترقص في روحها الرقيقة، ثم نامت مبتسمة.

(2)

بعد منتصف التسعينات بقليل، وقبل أن تغزونا المولدات بصوتها الكريه الذي يمزق هدوء الليل، ذلك الوقت، كانت سماء النجف ليلا هي أجمل ما شاهدته عيناي، وما تذوقته روحي، كنتُ أنام في ليالي الصيف الصاخدة على السطح العالي⃰ ، مستلقٍ على ظهري، الكهرباء مقطوعة فلا يوجد تلوث ضوئي، وفوق رأسي، على وسع بصري الغض، تمتد السماء، كأنها عروس من الزنج عليها قلائد من جمان كما قال المعري ذات يوم، ومع الضوء الفضي الهاطل على روحي، كنت اتحسس همهمات النائمين على السطوح، وأنفاسهم، تمتزج بنسيم الصحراء العليل، يهب من غرب المدينة، ليلتقي بنسيم الكوفة وشطها ونخلها القادمين من الشرق، يتعانقان، يمران بين (التشاريف)⃰  ⃰ ، ينحدران إلى مركز المدينة، إلى القبة الذهبية ومنائرها، يحمل النسيم قبلات يرسلها النائمين على السطوح قبيل أن يستسلموا لسلطان النوب، مهداة إلى صاحب الشباك الفضي، تهمس تضرعاتهم، احلامهم، مخاوفهم، مشتملة نجوى العاشقين، ومحبة الأمهات، ومناغاة الأطفال، ثم ينحدر هذا المزيج الرطب بالحياة إلى وادي السلام، يخبر الراقدين بحب أهلهم، بما ذكروهم فيه على العشاء، عن صورهم المعلقة في صدور الحجرات، والمصاحف التي تفتح لكي تتلو ما تيسر عن أرواحهم يوميا، وأنا، أحدق في السماء، في هذا البهاء المتلألئ، استمع خلسة إلى راديو أبي، النائم على سريره المفرد بعيدا عني في السطح الواطئ، ينبعث منه صوت من الـbbc يتحدث عن العراق بوجل، وأبي، بكل سنوات حروبه، يتقلب مستسلم لوجع العراق، بمفرده.

(3)

الفتاة التي كانت تظن أنها سيئة الحظ، غاب عن فكرها أنها قد تكون تعويذة حظ شخص آخر، يعول أن تكون راحته الكبيرة بعد كل ذلك الضنى.

(4)

في طفولتي، كنتُ مثل طفل أي أسرة نجفية فخورة، تربيت على أن أحب مديني بتطرف، كنتُ استمع إلى النكات التي تُسَخِّفُ رقة بغداد، ونعومة أهلها، وخفة الـ(لعد) والـ(هياته)، والـ(دا)، رغم أن لي عمة قريبةٌ قريبة إلى القلب تسكن بغداد، ولها أبناء أحبةٌ أحبة من البغادةِ البغادة، لا أعرف كيف وافقت بالضبط بين هذا الحب لأهلي ــ بيت عمتي في بغداد ــ وبين مشاعري الخشنة تجاه العاصمة، العاصمة التي بدت على الدوام عاصمة الآخر، وليست عاصمتي، العاصمة التي كان أبي يستخرج بدلته السفاري البنية اللون الغامقة (الجوزية كما نقول) حين يريد الذهاب إليها، لم أفهم أبدا ضرورة أن يترك أبي الفخور بلبسه النجفي [دشداشته] وسترته حين يريد الذهاب إلى المدينة الملتبسة هذه، كنت لا أحبها في داخلي دون سبب مفهوم، نمطٌ درجت عليه مع الأميين الذي كنت اسمع منهم نبرة السخرية من المدينة السحرية، ولم يخطر ببالي للحظة واحدة أن الأيام ستدور وأنني سأفدُ إلى بغداد لا زائرا بيت كعمتي مثل كل مرة، ولكن كطالب جامعي، في واحدة من أكثر سنواتها اضطرابا، حينما سال دم أبنائها الأبرياء في الشوارع بالجملة، قبلها، كنت لا أرى في غير مدن الله كلها جمالا إلا في مدينتي، ولا رجالا إلا في رجالها، أما نساء النجف فكانت مثل أشيائها الأخرى السرية، أمر بالغ الالتباس، مبهم، يجب أن يظل سراً لا يباح بشأنه.

(5)

صعودا من النجف إلى بغداد، ونزولا منها إلى النجف، تختلط الأصوات والصور والروائح في الطريق، مزيج دافئ في الشتاء، بارد في الصيف، مثل سراديب مدينتي، صوت محرك السيارة، رائحة المخمل المغسول، هذر السائق و(العبرية)، ما يتسرب من عبق طبيخ أمهات طلبة الأقسام الداخلية المعبأ في الحقائب، الصوت الذي تسكبه سماعات الأذن في رأسي، والآخر المتسلل من راديو السيارة، الابتسامة البلهاء التي تعلو وجوه الشباب وهم يتلقون رسائل شخصية من أحبتهم على أجهزة الهاتف المحمول، الشتائم العابرة، صوت عناق سعف النخيل ينهمر على روحي من خلال النوافذ نصف المفتوحة، رائحة الطريق التي تتسرب إلى الفؤاد عبر أنفي وسمعي وبصري وكل مسامة في جسدي، رائحة العراق الندية، صوت المطر يضرب سقف السيارة، وصوت فتاة جميلة تخاف القطط، وتحب أغلى حيوان في الدنيا، أصوات كعوب بنات بغداد العالية، تقتحم حياتك اقتحاماً، صور تتداعى إلى الذاكرة عن احتكاك أوراق الكتب ببعضها في سوق الحويش، وشارع المتنبي، لقطات من طرف البراق، والكاظمية، والجادرية، والكرادة، والحرية، وبيوتٌ من الخشب، وأصدقاء هم مكسبي الذي لولا بغداد لما عرفتهم، ولكانت لحياتي صورةٌ أخرى، لن تكون بلذة حياتي اليوم.

(6)

اكتشفتُ أن لبغداد جمالا ترفا، يختلف عن جمال مدينتي، وعرفت قيمة وخفة الـ(لعد) والـ(هياته)، والـ(دا) التي تتراقص كالموسيقى على ألسنة البغداديات، لتصنع في الروح خواطر (ما لي عرف بيهن ﮔبل) كما يقول مظفر النواب، تطيحني بضربة واحدة قاضية مفاجئة لا تبقي ولا تذر، وإن لهذه الأزقة رائحة تشبه رائحة البيت، وإن لأهلها قلوبا تشبه الأمهات، وأن تاريخها الملتبس أجمل ما فيها، وأنني أحب أن أتدفأ بذكرياتها كحبي لدفئ ذاكرة النجف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

⃰  في بيتنا القديم في طرف البراق في النجف، كان لدينا سطحان، سطح على الجزء القديم من بيتنا، عمره قارب الأربعمائة عام، بطابق واحد، لهذا كنا نسميه (السطح الناصي = الواطئ) وآخر على الغرفة التي تعلو المطبخ، وكلاهما حديثا البناء، منتصف الثمانينات تقريبا، ولأن السطح كان للغرفة العلوية فهو عالي، فنسميه (السطح العالي).

⃰  ⃰  [التِشْارِيف] جمع [تِشْرِيفة]، جدران الأسطح كما نسميها في النجف، ويطلق عليها في بغداد أحيانا اسم (التيغة).

[الصورة: رسم للصقر، أحب الطيور إلى قلبي، تلقيته كهدية، وأحببت أن أضعه مع هذه التدوينة]

رفيق على غير موعد

هذه الليلة عاشت لحظات غريبة، فعلا غريبة.

طالما ربت أسرتي البلابل، كان أبي يجلب البلبل صغيرا، يختطفه المزارعون من أعشاشه المودعة على متون النخيل، نربيه في البيت، حتى يعتاد علينا ولا نضطر لحبسه في قفص، بل أننا مرة ربينا بلبلا كنا نطلقه في النهار فيأخذ المنطقة كشفا وبحثا، ويذهب ليدلل نفسه من ثمار شجرة السدر في منزل آل الشاهرودي في طرف البراق، ثم يعود إلى قفصه حين يطيب مزاجه، وبلبل آخر كان لا يقف إلا على متن أبي، يناديه فيأتيه بلهفة، وحين يجلس أحدنا لتناول طعامه فإنه يدعو نفسه للأكل، شرط أن تطعمه بيدك، لا أن يأكل هو بنفسه، وإلا لن يتركك تأكل براحتك، وحين يشبع، يتركك ويذهب غير عابئ بك.

ولكنني لم أحب يوما حبس طيور الزينة هذه، منحها الله أثمن ما في الوجود، الحرية، فكيف لنا نحن البشر الذين نخرب الدنيا إذا امتلكنا حريتنا، فكانت القيود أصل الأصول في انتظام عيشنا وقيام أمرنا؟ فعلا كرهت حبس هذه الطيور الجميلة لمجرد أن نستمتع بصوتها وبريشها الباهر الحسن.

على أي حال، الليلة، ومثل أي وحيد عتيد، خرجت لأتناول عشائي في مطعم قريب، داعب الهواء البارد حواسي، ونفذ إلى جسمي المتدثر جيدا عبر رأسي الحليق، كانت البرودة تتسلل إلى جوفي بنعومة لطيفة، وقد أشبعت برائحة أوراق الشجر، وعبق سعف النخيل، وبقايا التمر الذي لم يجنه أحد من النخيل الرابض وحيدا في البيوت الفخمة التي هجرها أصحابها بهذا الحي الفخم.

في المطعم الصغير، كانت هناك أسرة تتناول عشائها، مما اضطرني أن أغير مجلسي المعتاد لأدير ظهري للأسرة الصغيرة وعصفورتهم التي في الرابعة من العمر تقريبا.

بعد أن وضع أمامي الطعام، وفجأة، وجدت ريشة رمادية اللون ناعمة تهبط أمامي متراقصة، تتمايل مع النسائم المتسربة من الستارة البلاستيكية الشفافة التي تغطي باب المطعم، تعجبت من هذه الريشة الراقصة، رفعت رأسي لأتبين مصدرها، وإذا بعينين سوداوين تحدقان بي من خلف قضبان خشبية، كان هناك بلبل كبير في قفص من سعف النخيل فوق الطاولة تماما، يقف على العارضة الخشبية، مخفضا رأسه، ويتطلع نحوي، بريشه الممزوج بالأسود والرمادي، وكتلة الريش الصفراء عند قاعدة ذيله تتمايل مع حركته المهيمنة من الأعلى، لم ارتح للريشة التي هبطت على طعامي، ولكنني عدت للأكل مجددا.

ولكن الأمر لم ينتهي، لقد غضب الجميل من تجاهلي، نعم أقول لكم غضب.

انتقل إلى المنهل المركب في زاوية القفص، فوق طاولتي اللعينة، وبدأ ينثر المياه علي، حين ارفع رأسي نحوه يتوقف عن طرطشة المياه، يتطلع في عيني، مديرا رأسه يمينا وشمالا، يرمقني بنظرة من يمينه، ثم أخرى من شماله.

اعود لطعامي، فيعود للطرطشة، أرفع رأسي فيتوقف، تكرر الأمر أربع أو خمس مرات، فاستسلمت، رفعت رأسي نحوه وهمست:

– حسنا يا صديقي، آسف لأنني تجاهلتك، اعتذر لمقامك الجميل، هل تسمح لصديقك الوحيد مثلك، المسجون في ذاته، هل تسمح له بتناول طعامه بسلام؟

ولكن العينان العميقتان بقيتا تتطلعان فيَّ، ورأسه يتمايل برشاقة ذات اليمين وذات الخبب ـ بتعبير عدنان الصائغ ـ رفعت كاميرتي لأصوره فهبط سريعا إلى قاع القفص وأخفى نفسه، المشهد يزداد غرابة، حسنا أيها الجميل، أنت وشأنك، عدت لطعامي فعاد لمناكفته.

– طيب أيها الوسيم، أخبرني كيف الحل معك اليوم، أعرف أنك وحيد، وأنا مثلك، وحدتنا مزمنة، ما الحل يا صديقي الصغير؟ هل ستدعني أنال لقيماتي وأمضي بطريقي لا ألوي على شيء؟ أم أنك استعذبت هذه اللعبة؟ طيب دعني ـ على الأقل ـ أصورك حتى استعين على وحشتي بجمالك، لعلك ترضى مرة أو تسامح ـ هل العجز صحيح؟ لقد نسيت عجز ذلك البيت الذي مطلعه: فليتك تدري كل ما فيك نالني ـ ولكن رجائي خاب مرة أخرى، ما أن أرفع الكاميرا نحوه، يتوارى في قفصه مبتعدا، وبقيت معه، مدا وجزرا حتى أكملت طعامي وسط رشيش المياه الذي يطلقه نحوي حين اخفض رأسي عنه متجاهلا كبريائه المتدفقة من علياء متلفعة بالجمال.

حسنا، أنا يا صديقي مبارحك، عائد حيث ألتف على روحي، اسحب وحدتي إلى صدري مثل دخان السجائر، تستنزفني رويدا أيها الرمادي الأسير، وأنت وريشك الجميل، وزهوك المتكبر، تظل هنا، وقد غيرت الإضاءة مواعيد نومك، وأفقدك الأسر قدرتك على أن تدع أمثالي من المكسورين بسلام، أو لعلك بما وهبك المصوّر من قدرة أردت أن تؤنس وحشتي، أن تُطرق نحوي بحنو، أن تشاركني أمسيتي هذه بمحبة، أن تقول لي أنا معك أيها النائي، انظر بعيني وكلمني، لا تصورني، فهذه اللحظة أثمن من أن تحبسها في هاتفك المتخم هذا.

سلام لك أيها النبيل في هذه الليلة الباردة، خرجت، وليس في يدي من جمال هذه اللحظات الحميمة غير ذكرى، وصورة لقفص يختبئ فيه بلبل خجول من الكاميرا.

الاثنين، 15 كانون الثاني، 2018

عن الأشياء الجميلة التي تذهب عنك الغضب

لماذا تحزن؟

ما الذي يصيبك بالضيق؟

حسنا، لعلي آخر من يمكن أن يواسيك، أو يعطيك نصيحة في موضوع الحزن، أو الضيق، لأنني متضايق دائما، حزينا أبدا.

لكنني أعرف أن هناك أشياء جميلة يجب أن لا تغضب وأن لا تحزن، لمجرد وجودها من حولك.

الأشجار التي تحتضن آخر الليل صغار العصافير، نخيل البرحي، أشجار السدر، التي تحب البلابل أن تأوي إليها، فيها سكن لها، وطعام حلو.

هل أنت حزين؟

قم وقبل وجه أمك، عاند أباك، ناكف أخوتك، اتصل بأصدقائك، اذهبوا إلى مقهى، اشتموا بعضكم بدفء حميم.

انظر إلى كل ما حولك، انزلاق الأبواب في سككها، الصوت الذي ينبعث من انتظام سيرها، الملابس المغسولة التي يلوحها الهواء، فتنثر قطرات من الماء البارد على وجهك وأنت تمر من تحتها ذاهبا إلى عملك.

كل ما حولك يحمل في ذاته جمال.

قميصك الجديد، الذي كوته أمك، أو حبيبتك، أو تذكرت بنفسك أن تكويه صباحا، رغم أنك صحوت متأخرا، فقمت بالتضحية بإفطارك في سبيل أن تهندم نفسك.

الجميلات، كل النساء جميلات، يصحون مبكرات، يهندمن أنفسهن كي تطالع وجوههن الجميلة أول يومك، اللواتي يتجملن، ويتغنجن، ويتحجبن، ويسفرن، كي يلملمن شتات أرواحنا، اللواتي يرممن ما نخربه كل يوم، ويتداركن ما نخطأ فيه كل ساعة، يلقين بالجمال على كل ما نقبحه بسلوكنا، ويكبحن جموحنا وجنوننا، تداوي ايديهن الحانية جروح حروبنا، وخساراتنا، وخيباتنا المزمنة، ويكون همهن في الحياة أن نعبر هوّاتنا، يجزن بنا الجسر تلو الجسر.

كعوبهن العالية تضرب الرصيف، فتدهم موسيقاهن أروحنا بزوبعة تطير بنا عاليا، يصررن على لبسها رغم تورم أقدامهن، وآلام أربطتهن، لكي يرسلن في أرواحنا السعادة، عن أحذيتهن الـ(فلات) يخطرن بها عند الظهيرة، يجلبن الخبز الحار والسمك والخضروات الطرية.

عطورهن التي تسبقهن معلنة مقدمهن، وتلحقهن وهن يمرقن بك مياسات تتبع خطاهن، فتحير من يضع من، هن أم العطور؟

أطفالهن، يطلقون الضحكة تلو الضحكة تملأ أيامنا نحن الرجال العابرون بالجذل والشغف.

صوت الريح وهي تمر بين البنايات، تداعب حوافها الحادة، تحرك الأغصان في الشجر المغروس قديما بين تلك البنايات، تنقل البذار من شجرة إلى أخرى، تسقط الورق اليابس متيحة للحياة أن تستمر، تداعب النوافذ، كأنها أمك تحاول أن تصفر لك في مهدك، فتفشل، مطلقة مزيج من الحب والهواء المنغم، فتكتفي بتقبيلك لتضحك.

شعر الجواهري ومظفر النواب وعريان السيد خلف.

أصدقائك، الذين تهاتفهم في أي وقت تشاء، الذين تدخل عليهم الخاص دون أن تضطر للسلام.

غرفتك، بيتك، عاداتك الصغيرة التي تبثها الشكوى وتبثك السعادة.

الأشياء التي تزدحم في طريقك إلى العمل:

الأبواب المصبوغة حديثا، الأبواب القديمة، الشبابيك نصف الموصدة، والستائر التي تهتز خلفها، الطريق المرشوش أول الصبح طلبا للرزق، و(الخواتين) يحملن صحون الـ(قيمر) وأكياس الصمون الحار.

السيارات المرصوفة في زقاقكم الضيق، وبقايا البناء، الرصيف بمقرنصه المكسور.

أصوات الباعة الذين ينادون على بضائعهم الرخيصة، قانعين برزقهم القليل، وبيتهم الدافئ، وأفواه اطفالهم الممتلئة بالطعام، ونسائهم بالأثواب الـ(كودري) الرخيصة.

سواق الـ(كيات) وهم يهزون أيديهم يمينا وشمالا، يخبرونك بوجهتهم عبر لغة الإشارة هذه، يتوقفون لأجلك حيث تشاء إذا هممت بالركوب، ويقلبون سحنتهم إذا هممت بالنزول، دون ان يختلف مزاجك، لأنك تعرف أن هذا هو مزاج العراقيين المتوتر دائما.

الجيش والشرطة ورجال المرور، يلوحون أذرعهم، يستعجلونك بالمسير، يحاولون أن يشعروك بالأمن، وأنهم مسيطرون، رغم أنك وأنهم تعرفون حجم هذا الوهم.

الذين ينصحونك لكي تتشدد  في الدين، والذين ينصحونك لكي تترك كل ما يخبرك به أهل الدين.

أسراف الجميع في (الشح والندى) كما يقول الجواهري.

الشوارع الممتلئة، والشوارع الفارغة، التي تحتضن البيوت القديمة، وتقبل ساكنيها.

الحياة التي تجري سريعا، وتذوب سريعا، التي تطوح بك ذات الخبب، تسير بك (صلياً) حتى توقظك ذات يوم، مدرك بأن لا شيء يستحق ان تردم بسببه ذلك الركن الركين في روحك، الذي اختصك به الله لتجعله مستودع للأشياء الجميلة، تنزوي فيه بمفردك، مستطلعا وجوه من تحب، وأسماء من تود، تستعرض فيه صور الأشياء الجميلة، والكلمات البهية، والكتب الجيدة، والشاي الفاخر، وأقلام الباركر والشيفر، والقصب الفارسي المبري الذي خططت به اسمها ذات مرة، خواتمك الفضة، وعلب السجائر المعدنية التي دخنت ما في جوفها لأجلها، كتابك الأول، ومرتبك الأول، وكل الأشياء الأولى التي صيرتك ذات لحظة ملكا أمام ذاتك، كلها تزدحم من حولك، وأنت في كرسي هزاز، في مساحة لا تتسع لأكثر من كرسيك الذي احتضنك، الأشياء التي تزدحم مثل خيوط سجادة آذرية، تحتاج إلى أن تبتعد عنها لتدرك حجم الجمال الكامن فيها، وصدى صوت ياس خضر يغني لمظفر النواب:

يا حلم، يا مامش بمامش

طبع ﮔلبي من اطباعك ذهب

[الصورة: جناح العرائس في مركز حيدر علييف، باكو، آذربيجان، بعدستي]

 

 

مشاهد ليلية

علي المعموري

تختلف مواعيد المشي عندي باختلاف الأماكن التي اتنقل بالمبيت فيها خلال الأسبوع، اليوم بتُ في المكان الذي أخرج فيه عادة بُعيد الغروب، اتمشى لحوالي كيلومترين، اتعشى، وأعود إلى سكني.

ومن دون خلق الله، يوقظ الحر كل حواسي، الأمر الذي يكون مضاعفا في حالة شخص شغوف باستطلاع ما حوله، من السلوك الانساني إلى النسق العمراني، تتحرك عيناي يمينا ويسارا، وتلتقط أذناي كل شاردة وواردة، أبحث عن التراتب البديع للكون من حولي، علَّ تلك الأشياء الجميلة تزيح عن روحي عناء اليوم العراقي المثقل بالغصص.

أراقب ابتسامة الأمهات في وجوه أطفالهن، والمناغاة الدافئة يتبادلنها بلغة لا يفهمها سواهم، انسجام العمال فيما بينهم، حركة الروافع وهي تأخذ مواد البناء إلى أعلى البنايات قيد التشييد، حديث الأشجار فيما بينها، وضوء الأعمدة الأصفر يهطل عليها في الليل فتبدو شاحبة مثل حسناء أصابتها الحمى، استدارة الأفرع حول بعضها في الأحياء القديمة، عناق الطابوق في البيوت العتيقة، البضائع المرصوفة على الأرفف في المحال التجارية، تجمع الجنود ورجال الشرطة قرب بعضهم ـ وهؤلاء أدرب نفسي على أن لا يلاحظونني وأنا التقط الصور يمينا وشمالا للبيوت والبنايات والسيارات والقطط التي تستريح على أبواب المنازل ـ وأشياء أخرى كثيرة.

وبين ليلة وأخرى يختلف الحال، مرة تظفر بالكثير من الجمال، ومرة تعود بأشياء بسيطة بالكاد تقيم أود ذاكرتك، أما الليلة فكانت رائعة، وعلى امتلائها بالكثير من الأشياء الجميلة، والناس الجميلين، فقد كان هناك مشهد فريد، شاهدته عرضيا، لم تتجاوز التقاطتي له أكثر من خمس ثواني هي أمد مروري الخاطف بالواقعة، كانت كافية لي، ومناسبة لكي لا أكون متلصصا مقتحما لخصوصيات الآخرين.

شابين ـ ولد وبنت ـ ربما متزوجان، ربما خطيبان، لا أعرف حقا، كان الشاب قد جلب سندويتشين، ناول البنت واحدا، وجلس جوارها يزدرد الثاني بنهم، ذاهلا عن كل ما حوله، أما البنت فكانت تمضغ لقيمة صغيرة، وقد أقبلت بكل جوارحها على ماكنة الفرم المجاورة لها، وهو يهرس الطعام هرسا، تنظر له وقد علت وجهها ابتسامة لم تدع عضلة في وجهها إلا داعبتها وحركتها، ابتسامة عميقة سعيدة متلهفة، تصبها على الشاب صبحا كالضياء، سعيدة تنظر له كما ينظر طفل إلى لوح شوكولاته، كما تنظر أم إلى طفلها الوحيد، وهو يحمل شهادة التفوق، مثل أرض تتهلف للشمس والماء، ابتسامة كأنها موسم حصاد العنبر، عبقة بالعطر والأمل، تنظر له بطريقة لا أعرف كيف أصفها، سعيدة بأنها حازت هذا الذي أقبل على طعامه كأنها نهاية العالم، سعيدة فعلا.

أنا بدوري ضحكت من القلب، ومشيت لخمسة كيلومترات.

[هامش: الاشياء الجميلة لابد أن تجربها أول مرة في بلدك]

لا أعرف الفنان الذي رسم الصورة المرفقة

عن “علي” وأشياء أخرى

(1)

كتبتُ مرة: (الأمم تصطنع رموزها اصطناعا، توجد لنفسها ما يملئ ذاتها عنفوانا ويمنحها الكبرياء اللازم للمقاومة والرفض والقدرة على المناجزة الطويلة عبر القرون، وتجاوز المفازات التاريخية بصمود واقتدار وتضحية تصنع الحياة، ولأكون أكثر تحديدا فليس كل من في التاريخ يمكن أن يكون رمزا، ولا يعني ان كل من اتخذه وعاظ السلاطين محورا لهرائهم وصنعوا حوله الهالات المزيفة يمكن ان يكون رمزا ينطبق عليه ما ذكرته، ولعل أول معالم الاستثنائية في شخص انسان ما هي أن يضطرب أبعد الناس عنه فكرا اعجابا أمام سيرته الاستنثنائية).

(2)

علاقة أي انسان بإنسان آخر، رمزا تاريخيا كان أم معاصرا، ترتبط بأمور كثيرة، بمواقف ترسخت عميقا في اللاوعي، بتأثيرات المكان والأسرة، وابن أبي طالب يمتلك معي كعراقي وشائج عديدة تشدني إليه شداً، روابط لا استطيع تجاوزها، صنعتها أمور كثيرة لعل أقل ما بينها الدين!

(3)

العارفون بعمارة النجف يعلمون ان المدينة القديمة تقوم على ثيمة معمارية يشكل مرقد الإمام مرتكزها الرئيس، “عـﮕود” تلتف مستديرة بين الأطراف الأربعة للنجف ـ طرف = محلة – كالسلاسل متقاطعة ما بينها، وكل “عـﮕد” يمتلك مخرج ومدخل لابد أن يقودك آخر الأمر إلى مرقد علي، يسير الإنسان بين جدران البيوت المتقاربة، وهواء “بادﮔيرات” السراديب الباردة يداعبك، بعيدا عن الهجير اللافح، “العـﮕود” تلتف على بعضها حتى تظن أنك في متاهة لن تخرج منها، ثم فجأة تجد نفسك في رحبة علي، كمن ينتقل من الأرض إلى السماء، وبالنسبة لطفل نجفي، فتلك اللحظات لا يمكن ان تنسى على الإطلاق، الباب الخشبي الضخم، الرخام البارد، الخدم بـ”كشايدهم” الحمراء “كشيدة=طربوش”، الأقفال الكبيرة، صوت “محمد عنوز” يرتفع من المأذنة، الأقواس المبطنة بالمرايا، السوباط الحاني، صوت الخادم وهو يصرخ حين يحين وقت إغلاق المرقد ـ حين كان يغلق منتصف الليل ـ ينادي منغما صوته الرخيم، والأقفال في يده: يا الله، يمدها مداً، ومنذ ذلك اليوم البعيد قبل ربع قرن، حتى اليوم، لم أسمع (يا الله) بجمال تلك التي سمعتها من ذلك الرجل، بكشيدته الحمراء، وقماشها الأسود الملتف حول فمها، ببدنه الضخم، ووجهه الأبيض وشواربه الخفيفة، يمسك عضادة الباب مرددا جملته مرارا وتكرارا، يستصرخ المحبين ان يذهبوا إلى بيوتهم، كمن ينفر سربا من الحمام عن مأمنه، لاحقا عرفت أن السادة من آل (القابجي) ينفردون بلف تلك القماشة السوداء على “كشايدهم”.

(4)

دعك من الأمور التي تخبرك أمك بها عن علي، دعك من علي الأسطوري، دعك مما تناثر في بطن “بحار الأنوار” من أخبار تجعل من علي كائن غيبي أقرب إلى المستحيل، دعك من هذا كله، واسمع تجربتي، أكثر من ربطني بعلي اثنان، المرحوم الدكتور أحمد الوائلي، الذي يفقد سيطرته على نفسه حين يصل إلى ذكر علي، ثم يبدأ بضرب المنبر مرارا وتكرارا وهو يترنم باسمه، هذا في طفولتي، قبل اكتشاف القراءة وسحرها، الوائلي سلمني إلى من أجد أنهم أفضل من كتب عن علي: اليساريون بمختلف اصنافهم، قرأت هؤلاء بالتوازي مع تنامي حس الميل للعدالة الاجتماعية عندي، مع قراءتي للأدب العربي الساخط، مع الحزن الذي يهيمن على كتابات مصطفى لطفي المنفلوطي وبكائه على الجياع، ميل فطري إلى الفقراء تملكني، رغم أنني قضيت طفولة سعيدة لم يوجعني الحصار الذي ضرب العراق خلالها ـ تسعينات القرن الماضي ـ لم يصب أسرتي ما أصاب الآخرين على الأقل، ولم نحتج إلى بيع أثاث بيتنا، رغم ذلك كله، كنت لا أرى غير علي متجسد في صورة الفقراء، بحسراتهم الممتدة على طول العراق، الذي ما مر عام وليس فيه جوع كما قال السياب مرة.

(5)

قرأت علي الثائر، المبدئي، المتوجع للجياع حد البكاء، قرأته عند عبد الرحمن الشرقاوي، عند عبد الفتاح عبد المقصود، عند علي الوردي، عند شخص لم ينتمي سوى إلى مذهبه الشخصي مثل عباس محمود العقاد، عند الوائلي، هؤلاء وأضرابهم انتقلوا بي من علي الملكوتي الذي يصدح به الشعراء إلى علي الانسان الاستثنائي، علي الذي اختار أن يعود إلى جذوره العراقية، منتقلا من الحجاز إلى السواد، ليفتتح تاريخا طويلا من الثورات والبطولات الفردية، صانعا عنفوان أمة، متخذا من الفلاحين جنودا بوجه تجار قريش، رافضا أي حل وسط يزري بما آمن به، وما سار في سبيله حتى النهاية المدوية.

(6)

عند هذه النقطة وجدت ـ بعد سنوات ـ أن علياً المبدئي، الرافض لأنصاف الحلول، العصي على أن يقبل تسوية تؤلف بين ما يراه حقا وما يراه باطلا، وقدرته على أن يتحمل خياره الذي يعرف أنه خيار خاسر، ليسير به إلى آخر الخط، وتمكنه ـ بمختلف الأزمنة ـ من صنع أشخاص يتقبلون خيار الخسارة المزمن ذاك، وهم راضين عن انفسهم تمام الرضا، رغم أن علي يستطيع أن يسلك الطرق الأخرى، ولكن ما كان ليكون علي لو اتخذ تلك الطرق، عند تلك اللحظة عرفت أن علي، الذي يرفض أنصاف الحلول، والتسويات التي تمزج الحق بالباطل، هو اقرب إلى مزاج العراقيين غير القادرين على التسوية، غير القادرين على تقبل الحلول الوسطى، وإن اختلفوا عنه بمعيار الحق والباطل، وإن كانت عدم قدرتهم على التسوية تلك مزاجاً صنعته الأرض كما صنعه الرجال الرافضين لأنصاف الحلول مثل علي وبنوه، وهو ما جعل العراقيين المسلمين يذكرونه أكثر من ذكرهم ابن عمه النبي ومربيه، لهذا ارتبط علي في ذاكرتي بالعراق، وارتبط العراق بعلي.

(7)

أذهلتني قدرته الكبيرة على أن يكون قطب رحا لا يجرؤ على نكران فضله إلا موتور فارغ عاجز عن الإتيان على دليل بمزاعمه ضد علي، حتى أن الشعبي، وهو ممن اختلفوا عن خط علي تماما قال فيه يوما ما مضمونه أن اعدائه وظفوا أهل الحديث ضده، واستكروا ـ كما تستكرى البهيمة ـ الشعراء يمدحون آبائهم ويزرون بعلي، وآخر الأمر، وعند انجلاء العجاج، بدا وكأن الشعراء بمدحهم لأجداد أولئك كانوا يمدحون جيفة، وكأنهم إذ شتموا علياً كانوا يأخذون بضبعه إلى السماء! وخلال الألف ونصف الألف التي تلت إيابه إلى خالقه، بقي مناجزا، صامدا على تقلب الدهور، يحتل في القلوب مكانا لا يماثله فيه أحد، أذهلني أنه يتيح لي أن أحبه، دون أن أبغض أحد، أو اشتم أحد بحجة حبي لعلي.

(8)

كتب د. علي الوردي مرة أن ما من أمة اختلفت في رجل من رجالها كما اختلف المسلمون في علي، ولكنني اختلف مع الحكيم الوردي، وأظن أنهم اختلفوا عليه أكثر مما اختلفوا فيه، كل فريق أراد أن يحوز علي إلى خندقه، تقاتلوا على علي منذ وفاته إلى اليوم، كلٌ يرى أنه أولى بعلي وأحق من غيره به، ولكنه كان نسيج وحده، يحرك التاريخ رغم اختلاف الحدثان وتقلب الدهور، شاء من شاء وأبى من أبى.

(9)

كتبتُ مرة نصا أردته أن يكون قصيدة عنه، قلت في مطلعه:

“غريبون عنك

نغلف أرواحنا بالجليد

ونزعم أنا صنيع يديك”

ولا أزال.

فجر 17/6/2017

21رمضان 1438

[الصورة بعدستي: مرقد الإمام كما كان يبدو من بناية قرب منزلي، ولم يعد هذا المشهد متاحا]

 

 

قضايا فيسبوكية

الفيسبوك هذا ليس إلا مساحتنا الشخصية، نفلت فيه أحيانا ما نفلته في “صفنة” تتلو “استكانين” من الشاي، ونسبك فيه أحيانا ما نفكر فيه بعد قراءة توماس هوبز.
نتحدث فيه أحيانا عن أشياء كبيرة جدا، مثل العراق، أو أشياء نظنها كبيرة، مثل حديثنا عن العراق، الذي كثيرا ما يكون حديثاً ساذجاً.
ونستطرد على صفحته في سويعات أخرى لنقول كلاما سطحيا لا معنى له خارج السياق العام المتوتر المشحون بالترقب، والأمل بعودة أحبتنا سالمين محررين، كلام لا قيمة له مثل هذا الكلام:
أكره أن يكون لدي ملابس كثيرة، أكره أن تتعدد خياراتي في اللبس، اكتفي عادة ببنطلونين أو ثلاثة، وقميصين أو ثلاثة مما يلبس في الصيف، ومما يلبس في الشتاء، أكره أن اشتري ملابس جديدة وملابسي لا تزال بحال جيدة، ولأنني لا أبلي الملابس بسرعة لحذري الدائم فقليلا ما أشتري سترة جديدة، أو قمصلة جديدة، لدي “قماصل وستر” لا زلت ألبسها منذ سنوات، لا تزال جاكيت “قاط التخرج” عام 2009 في الخدمة العامة، وحين تخرج الملابس من الخدمة العامة أدخلها الى الخدمة الخاصة فارتديها في البيت، ثم أستخدمها آخر المطاف كبطائن أعزز بها قوة أغلفة الكتب التي أجلدها بنفسي.
أكره تبديل الديكورات، وتغيير الألوان، والبنايات المشيدة بالأسمنت والحديد، اكره ناطحات السحاب، والأكل المعدل جينيا، و”تمن الوجبة”، أكره السفر برا، مغرم بالسفر بالطائرة، ابتهج كطفل اشترى له أبوه حلوى النعناع التي يحبها عند تلك اللحظة التي تنتقل فيها الطائرة من المدرج الفرعي الى المدرج الرئيس، تمشي ببطء، ثم فجأة تنطلق بسرعة وحشية حتى تقلع بنا.
أكره المطاعم الفخمة رغم أني أحب الطعام الفخم، أحب المطاعم الشعبية في النجف، كباب مطعم (المشهد) عندي أفضل من كل الأطايب التي أكلتها خلال أسفاري الى بلدان تهتم بالفخامة في الطعام، أحب المقاهي الشعبية، شرط ان تكون هادئة خالية من صخب الشباب ولا اعترض على صخب الشيوخ، أعطني مكانا انام فيه بمفردي، وسأنام كيفما اتفق، ما دمت دافئا فلا فرق عندي على الأرض نمت أم معلق في الهواء، وفي الصيف جنبني الهواء البارد، وسأنام مثل طفل صغير، أكره كريمات الوجه ومثبتات الشعر والملمعات، أعطني أشياء نظيفة وسأطير من الفرح، أكره أن أمشي أو أجلس في المنتصف، أكره فلاتر الفوتشوب التي يجلس كل مصور اقصده لنصف ساعة وهو يحاول أن يقعني بضرورة أن تمر “جهرتي” عبرها، ثم يعود خائب الأمل، ولا يطبع اسمه على الصورة التي تظهر أنفي الكبير، وشعر وجهي المهمل وتعرجات وجهي “المخربطة”.
أكره السيارات الفخمة ذات الدفع الرباعي رغم أنني أحب “الكراون تويوتا” لأسباب شخصية، والمرسيدس لأسباب تتعلق بي كشخص قلق، أبحث عن أكثر الأشياء تماسكا وقوة، مثل الدولة، دولة توماس هوبز.
#سوالف_بدون_قصد_ولا_معنى