كل المقالات بواسطة علي المعموري

متخصص بعلم السياسة، وما يتطلبه من اطلاع على الاقتصاد وعلم الاجتماع والتاريخ والعلوم القريبة الاخرى، مهتم كذلك بالادب والفن، وكل ما يتصل بالحياة والابداع الانساني

لماذا الكرادة؟

منذ طفولتي، كنت آتي إلى بغداد مرارا وتكرارا سنويا، امكث في بيت عمتي، ولكني لم أكن اعرف من بغداد سوى مدينة الحرية حيث منزل عمتي، والكاظمية حيث أذهب للزيارة، ثم اكتشفت المتنبي وسحره لاحقا.

ولكن انتقالي للدارسة الجامعية في بغداد كان المحطة الأكثر أثارة في حياتي، فقد نقل الولد الجنوبي القادم من النجف الذي كنته إلى مرحلة جديدة، عرفت فيها وجه آخر لبغداد، بل قل وجوها غير تلك التي ألفتها، وكان للكرادة الوجه الأكثر سحرا بينها.

كنت قد مررت قبل ذلك بالكرادة دون أن أعرف انها الكرادة، والمرة الأولى التي دخلتها وأنا اعرفها كانت في سنتي الجامعية الثانية، بعد ان سكنت في القسم الداخلي وتمتعت بحرية الحركة أخيرا.

تذكرت منذ أول دخولي لها مشهدا من أسعد مشاهد طفولتي، كنت ربما في السابعة أو الثامنة، ولا أذكر المناسبة التي كنت لأجلها في بغداد، واصطحبني جدي في باصه الفيات (OM) مع ابن عمتي الأصغر مني لجلب الحليب فيما أذكر، كانت غصون الأشجار تتدلى حتى تدخل لنا من نوافذ السيارة العالية، اتلمسها ببهجة غامرة، كأنها تصافحني، وتنحني لتقبل تلك الطفولة المندهشة من هذا المنظر الأخضر للطفل القادم من مدينة صحراوية خشنة، واليوم  أكاد اجزم ان ذلك المكان الذي اصطحبني جدي الحبيب إليه لم يكن سوى الكرادة، لأنه لم يحب سواها في بغداد، ولأنني لم أحب احد كما أحببت جدي، ولأني لم أحب في بغداد موضعا كما أحببت الكرادة، لهذا، لا أريد لتلك الذكرى العزيزة على قلبي إلا أن تكون في الكرادة.

كان دخولي الأول لتلك المنطقة وأنا أعرفها مبهرا تماما، جمال النوارس السارحات فيها، الترف و(النزاكة) التي تحيط أهلها، النخيل الذي يشرأب من خلف أسيجة بيوتها، مساجدها، حسينياتها، كنائسها، كل ما فيها كان مبهرا، الشيء الوحيد الذي كان ولم يزل يمزق قلبي في الكرادة هو صور شهدائها التي تتوزع على جانبي طريق [الكرادة داخل] كأنها الفوانيس تضيء ليلا أبديا من الألم والفجيعة يحيط بالعراق.

تدريجيا بدأت أفهم روح الكرادة، المتصالحة مع نفسها، المحتوية لجميع الأديان، وجميع الطوائف، هنا حيث يقيم السنة مجالس عزاء أحبتهم في الحسينيات المجاورة، ويقيم الشيعة مجالسهم في المساجد السنية القريبة، حيث يشترك المسيحي في الطبخ للحسين، ويلطم السني بحرقة في عزاءه، ويخرج الشيعي ليحتفل بالمولد النبوي في المساجد السنية، هنا حيث كان الشهيد الشيخ عارف البصري في الستينات يدير مدرسة نصف طاقمها من المعلمات سافرات وهو من الرعيل الأول في حزب الدعوة، هنا الكرادة، التي تحتوي الجميع، تحتضنهم كالأم، لتمثل روح بغداد الحقيقية المتمدنة.

حتى أهل الكرادة الأثرياء يختلفون عن بقية أثرياء بغداد، أثرياء الكرادة متواضعون، يلبسون كما يلبس بقية العراقيين، يعيشون مع جيرانهم كأنهم منهم، يشاركون في الاحداث العامة، ثراء عراقي، يختلف عن الثراء المتصنع للارستقراطية المتكبرة الذي ستجده في مناطق أخرى من بغداد وسمت بأنها أحياء للأثرياء، هنا ستجد الثري الكرادي مبتسما، متواضعا، يتعامل معك كأنك ندٌ له.

كانت الكرادة حلماً بالغ الشفافية لكل العراقيين، هنا يجتمع الجنوبي المسحوق، بالقادم من الغربية الخشن، وقد يجدان زوجة كرادية تلملم حطامهما، وتمدين غلظتهما، هنا يسرح طلبة الأقسام الداخلية في جامعتي بغداد والنهرين، يمتلئون من الكرادة مدنية، وجمالا، وأناقة، يفد الشاب البسيط إلى الكرادة دون حلم، ويخرج منها متمدنا، انيقا، محملا بالزهو والأحلام، الكرادة المتعايشة، حيث تسير المحجبة حتى الذقن مع الكاشفة عن زنديها الفضيين بكل ود وانسجام، ويجالس إمام الجماعة في نهار الكرادة من قضوا ليلتهم البارحة سكارى، حيث تحتوي الكرادة الجميع في النهاية، وتمنحهم كل الحب، وتملأهم بالجمال، دون كل مناطق بغداد الأخرى، التي إما أن تكون مترفعة متكبرة على العراقيين مستغربة عنهم، أو غارقة في بؤسها وتريفها أو تعصبها الديني، عكس الكرادة، التي لا تمثل سوى روح بغداد الحقيقية.

لهذا، لأن الكرادة ذات الهوية المركبة كانت وستظل عصية على أبعادهم الأحادية، سيظلون يستهدفونها، وستظل تنزف شهداء من خيرة شبابها وكهولها، وستظل رغم كل ذلك، عامرة بالجمال، متصالحة مع ذاتها، متقبلة للكل، محتوية لهم.

[بالمناسبة، الوضيع، التافه، عديم المعرفة والقيمة الذي كتب عن الكرادة على ويكيبيديا العربية تجاهل العديد من المساجد، لسبب لا يعلمه إلا الراسخون في الطائفية، ورغم ذلك، فالكرادة أكبر من حقارته، وضيق أفقه، الكرادة أكبر من كل الطائفيين]

الأحد 10/ 5/ 2015

[الصورة لتمثال مرجانة والأربعين حرامي للفنان العراقي الراحل محمد غني حكمت، ليلاً]

الوطن المتجلي في الطريق، الغائب في الوجوه

في مرحلة من الطريق السريع الرابط بين بغداد ومدن الجنوب، -الذي ألج إليه من النجف عبر مدينة الحلة – تقف اربع نخلات متفردات بين اخواتهن، بالطول نفسه، العمر نفسه، حتى سعف النخيل متسق ومتوافق، ورغم هذا التفرد والتمايز، إلا انهن غير شواذ وسط بقية النخلات المجاورات لهن، ولايكسر تشابههن الانتماء الذي يربطهن بالبقية منذ الأزل العراقي المتصاحب مع النخيل، حينما اشاهد هذه النخلات احس بالانتماء، اشعر انهن يمثلنني واشقائي وسط العراقيين، نشرب من ذات المياه، ونتغذى من ذات التربة.
ولكن مع اول سيطرة للقوى الامنية، وحين اكون قد وضعت السماعات في اذني، وامسكت كتابا او مجلة استعين بها على الطريق، فيترك الشرطي كل من في السيارة، ويسألني لوحدي (شجاي تسمع؟ انت عراقي؟) تلك اللحظة اتذكر كل الوجع العراقي اليومي الذي اتجرعه رويدا كالسم، ثم يتبخر الانتماء من عقلي، ويظل موضعه في قلبي يقطعني ألما.

لم اعرف مصدر الصورة البارزة الأصلي، كما لم اجد يوما الوقت الكافي لالتقط صورة “لنخلاتي” الأربع.

4/ 5/ 2015

خليج بلا عراقيين…خليج بلا عرب

قبل عام تقريبا اشتريت مجموعة من بقايا مكتبة احد مدراء مدرسة منتدى النشر في النجف، التي شتتها الوارثون كدأب ابناء المثقفين في الانتقام من غياب الوالد عنهم وانشغاله بكتبه وطلابه، فيبيعون مكتبته كرد فعل وانتقام لذلك الغياب.
ورغم انني اشتريتها بثمن بسيط إلا انها احتوت كنوزا من الكتب المفقودة والمهمة، ناهيك عن المجلات النجفية المتوقفة عن الصدور مثل مجلة كلية الفقه التي رأس تحريرها المفكر الراحل العلامة هاني فحص، والكثير من المطبوعات القديمة.
من بين تلك المطبوعات كانت سلسلة من إصدارات دار الهلال في القاهرة، واثمن ما في هذه المطبوعات الهلالية هي الطبعات الأولى لعدد من مؤلفات احد كتابي المفضلين، وهو الأستاذ العقاد رحمه الله.
ولأني كنت مشغولا بكتابة رسالتي للماجستير، فقد تركت الكتب التي تحتاج الى تصليح الى وقت آخر، وقبل أيام عدت لها.
ما لفت نظري هنا هو العبارة التي ذيلت بها إصدارات الهلال تلك، فقد كتب في الغلاف الداخلي الاخير للكتب عن وكلاء التوزيع عبارة (الخليج الفارسي) واستمرت العبارة تذكر حتى نهاية ١٩٥٨، مع العلم ان دار الهلال اممت من قبل حكومة جمال عبد الناصر، زعيم القوميين والقومية العربية، ولم يستفز هذا احد من اتباعه العراقيين او الاذناب الخاضعين في الخليج.
ما يؤلمني حقا اننا كعراقيون كنا على الدوام الأكثر حرصا على عروبة الخليج، وحتى هذه اللحظة، فعندما ثارت مسألة اعادة تسمية الخليج على خرائط كوكل فإن اكثر من انتفض كنا نحن العراقيون، وكأن عروبة الخليج لم تعد مرتبطة إلا بالعنوان وحسب، ياللسخرية.
انظر الخليج فلا أرى فيه عربا يحبون العرب، دول الخليج – عدا عمان- بلا هوية واضحة، وهمة حكامها تسير نحو تخريب كل حواضر العرب الكبرى، جاعلة من نفسها بيادق امريكية، لا تتحرك نيرانهم إلا لحرق اخوتهم العرب، ونظل نحن العراقيون ندفع ثمن عروبيتنا الحقة في خليج غادرته روح العرب.
الصور الثلاث الأولى المرفقة لكتاب عبقرية الصديق للأستاذ العقاد الصادر عام ١٩٥٥، والثلاث الاخريات لكتابه حياة المسيح الصادر عام ١٩٥٨ واترك لكم تتبع التواريخ وقراءة الاختلافات.

 

 

11175025_956414517723419_4829686106357084196_n11207369_956414551056749_1146332726016293752_n11168561_956414594390078_8260302510214498065_n

11203162_956414631056741_8389917401710268601_n11036038_956414651056739_4362214491509025159_n11168561_956414594390078_8260302510214498065_n

 

 

 

 

المسرحية التي عشتها

كتبت هذه الكلمات قبل عام، ونشرتها على صفحتي في الفيس بوك، ولكن يبدو أن موعد نشرها كان مبكرا، وإنها لا تزال طازجة، ما دمت قد بلغت الثلاثين بالفعل اليوم:

انا من مواليد 1985، قاربت الثلاثين، ولأن هذا الحياة ليست سوى مسرحية كما يقول المرحوم شكسبير، المسرحية التي عشتها يهمني منها ثلاثة:

الامهات:

ان يعشنّ في خوف أبدي منذ الولادة، يضرب بوحشته قلوبهن

ان يؤدين اكثر الادوار عسرا وأبعثها على الالم ان تكون احداهن ابنة ترتعب على أبيها من صفقة الباب، وهي لا ترى في الدنيا كلها حاميا لها غيره.

ان تكون أختا، تهرب الاسرة من القصف، فتطلب من أخوها ان يحمل امه على ظهره، وتسير هي خلفهما، وتقول: اذا جاءت الرصاصة تضربني اولا، ثم تضرب امه، ولا يصيبه منها شيئا.

أن تكون أما، ان تكون كل شيء.

ان يكون القلق العادة، والراحة الاستثناء، ان يلبّسْنَ الحزن، ويستحيين من الفرح.

ان يكنّ آخر من يأكل، وأول من يشبع.

ان يكون للدمع ألفة لا تنقضي مع عيونهن المتعبة، التي تخيط الهم بالاسى على ضوء الفانوس المعتم.

ان يعشنّ في ركض متواصل، من البيت، إلى العمل إلى المقبرة، ثم يأتي البطران ويقول: شيبّت من وكت، اريد اجدد.

ان يقفن في طوابير (الاسواق المركزية) في عز شمس تموز لأجل كيلو سكر.

ان تعيش إحداهن طوال عمرها وهي تحلم بغاية بسيطة كبساطة روحها، ولد يحملها على كتفه حين تموت، وبنت تولول عليها: يا ييمة يا حبيبة.

يا ييمة يا حبيبة

ان يفقدن أبناؤهن بكل الطرق الممكنة:

انفجار

حرب فاشلة

سجن بالغلط

او تجبره على الهجرة لينفذ بروحه، وتظل وحيدة صحبة الببغاء الملعون الذي يردد اسمه كل لحظة في زوايا البيت الموحشة.

الاباء:

ان يحتفظ احدهم من الحرب بكل شيء، حتى انه يرتدي ملابس الصيف بتوقيت الجيش، واردية الشتاء بمواعيد المعسكر.

اما نفسه فقد فقدها منذ اول طابور عرضات صُف فيه على صوت العريف وهو يسب اموات امواته.

الابناء

نحن جيل الحروب الذي لا يتذكر من طفولته صورة عن أبيه سوى رائحة البسطال الحادة يوم النزول، والوجوم الذي يعتصر الوجوه المودعة يوم الالتحاق، وكل ما عداها سراب غير مفهوم.

الصورة للنجف، المدينة التي ولدت فيها، صورة قبل قرنين.

عن (السن) العراقي الذي كُسِر

يوجد في النجف مصطلح يعبر عن تفصيل معماري خاص بالنجف من دون كل مدائن هذه الأرض، وهو (السن).

ففي النجف وحدها ستسمع عن (السرداب السن) و(البئر السن) و(البالوعة السن ـ مُكرم السامع ــ).

وهذا المصطلح يرتبط بالتكوين الجيولوجي لأرض النجف، التي تتكون من طبقات متعددة من الرمال الدقيقة والخشنة والتراب والصخور وغيرها، حتى تصير ــ بعد ان تحفر ما يقارب العشرين مترا ــ إلى طبقة صخرية غاية في الصلابة سمكها حوالي (10سم)، ويطلق عليها النجفيون اسم (السن).

ويشكل هذا السن ما يشبه الإناء تحت النجف القديمة، يعزل ما فوقه عما تحته، طبقة صلدة غير مسامية، وهنا يأتي دول التفصيل المعماري المعني، فالسرداب السن يقع تحت سردابين فوق بعضهما ويتميز ببرودته صيفا، وحرارته شتاءا، مع وجود بئر المياه، الذي يتصل بآبار الدور المجاورة، مكونا شبكة معقدة من الأنفاق، شكلت لزمن طويل متاريس عصية على من يريد حكم النجف من غير أهلها.

أما البئر السن فهي بئر حفرت جوفها حتى وصل الحفار إلى طبقة السن تلك، فكسرها بقلم من الحديد الصلب، محطما ذلك الإناء، مانحا البئر عمرا لا يفنى ومياه لا تنضب بعدها، كما أن مخزن الفضلات لن يمتلئ أبدا، لأن سنه مكسور، فهو يُنفذ ما يُصب في جوفه إلى التربة تحت طبقة السن، لن يمتلئ أبدا، كما لن يلتئم جرح السن المكسور على الإطلاق.

(رباط السالفة….)

كنت قبل سنوات أحدث أصدقائي عن العراقيين الذين يخرجون في المظاهرات طاعة لشخصية دينية تعمل في السياسة، متحملين لسع الشمس، واعتصار البرد لوجوههم المنهكة، مُقدمين على الموت في سبيل الدفاع عن حرمة قائد سياسي يرون أنها مست، كنت أقول ان هؤلاء يفعلون ما يفعلون لأنهم لا يملكون ما يخسرونه، لا يملكون بيتا، ولا عملا ثابتا، لا يملكون مستقبلا على الاطلاق، وإن كبح جماحهم يتطلب موردا اقتصاديا ثابتا يؤذيهم تعثره، ويؤرقهم ضموره إذا ما خرجوا لأمر مما ذُكر، إذا كان لديهم بيتا يحرصون على سلامته، وسلامة من فيه، فلن يكونوا سهلي القياد، وسيفكرون ألف مرة قبل ان يخالفوا القانون، ويعاندوا الدولة.

هذه المعادلة كنت مقتنعا بجدواها قبل خمس سنوات تقريبا، اليوم اختلف الوضع.

لأن ذلك الذي لا يملك ما يخسره صار اليوم فردا في مؤسسات غير رسمية، تطرح نفسها بديلا للدولة، مؤسسات تمنحه موردا اقتصاديا عبر استخدامه للسلاح، تمنحه سلطة، تربط الموارد التي بدأت تتدفق إلى جيبه باستمرار وجودها، ولن يكون تفكيكها سهلا بملاحظة الدور الذي صارت تلعبه في الجانب العسكري، وبملاحظة انها صارت تؤسس لنفسها رويدا كمكافئ للدولة فيما يخص إيقاع العنف الشرعي.

بعبارة أخرى، انكسر السن، بعد أن مهد صاحب الفخامة والولايات المتحدة، والدول الإقليمية، كافة للحفار بإزالة تلك الطبقات الكثيفة من الموانع الحامية للسن العراقي، فكسر تماما، خصوصا بعد الضربة القوية التي وجهتها داعش لما تبقى من صلابة ذلك (السن)، الذي لا زلت آمل أن لا يكون كالسن الصخري في النجف في عصيانه على الالتئام

20/ 4/ 2015

9/ 4/ 2003

عن أي هوية وأي شعب نتحدث؟

اقرأوا معي هذه العناوين رجاءا:

حنا بطاطو، العراق

د. ياسين البكري، بنية المجتمع العراقي جدلية السلطة والتنوع العهد الجمهوري الاول 1958ــ1963 انموذجا.

علي بدر، حارس التبغ (رواية)

د. علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، شخصية الفرد العراقي.

هذه عينة صغيرة جدا جدا، يمكن للجميع ان يحصل عليها بنسخ الكترونية أو ورقية، تبيّن كيف (كنا شعب واحد) كما يزعم البعض، هذه المرحلة الحرجة التي غطسنا في قذارتها تتطلب اعترافا بالأخطاء، تتطلب القسوة في نقد ذاتنا الجمعية، وتعرية مشكلة الهوية الوطنية المهتزة، وتداعيات هذه المعضلة، الأمر الذي انتبه له الملك المؤسس فيصل الأول رحمه الله وعمل على احتوائه بصدق، ولكن الذي جاءوا بعده، وبعد انقلاب 1958 بشكل خاص حاولوا ان يقفزوا على هذه الحقيقة وتغطيتها بالشعارات، وليس بالعمل الجاد الصادق على بناء هوية وطنية جامعة، قبل 9/ 4/ 2003 لم يكن العراقييون شعبا واحدا، قد يكونوا متعايشين، ومختلطين مع بعضهم، ولكن لم تكن هناك هوية جمعية، ولا شعور بالانتماء الوطني الى العراق كبوتقة تنصهر فيها ذواتهم العامة، دون ان تزيح ذواتهم الخاصة، انتماء الى الوطن وليس الى الايديولوجيا، دينية كانت أم قومية، وبعد هذا اليوم التعيس، انفجرت الهويات وتشضت لأن الدولة فشلت في احتوائها، بفرض نيتها الصادقة في ذلك، إذ يبدوا ان هناك من السلطات التي تعاقبت بعد 1958 من عمل على تعميق الشرخ في الوجدان الجمعي تجاه الوطن، وفي أحسن الأحوال فإن أفضل ما حدث قبل 9/ 4 ان النظم السياسية المتعاقبة منذ 58 قامت بقمع الهويات الفرعية، او بإلهائها بالأزمات، اليوم نحن بحاجة لمراجعة هويتنا الوطنية، ومحاولة لملمة شتاتها ووصله بالجهد الأول الذي بدأه فيصل الأول.

لا تأخذنكم العاطفة، وحب بلدكم، فتتجاوزون هذه الحقيقة، اعرف ان هذا كلام قاسي، ولكنه يؤلمني أنا قبل أي شخص آخر، ولكنها الحقيقة، شئت أم أبيت.

على أمل بوطن يجمعنا

الصورة لحقل لرز العنبر في الشامية، جنوب العراق، آخر ما يجمعنا على ما يبدو، نخلة، ورز لا يزرع إلا في العراق، وكلاهما مهددان بالانقراض.

ذلك الانكسار العراقي

حال بعض العراقيين ــ وليس كلهم ــ مع الوطن هو كحال أمهاتنا معنا، ينفقن أعمارهن في سبيل ضحكة ترتسم على وجوهنا المكفهرة أبدا، نقسو عليهن فيغفرن، نخطئ فيبررن لنا الخطأ بطريقة عجيبة يعجز عنها ارسطو ومنطقه، مهما ابتعدنا، فسنكون قريبين لأفئدتهن، حاضرين على الدوام بين الجفن والعين، بين الشغاف والأوردة، رغم الخسارات الكبيرة، ورغم الخيبات المتلاحقة.

أليس غريبا أن نكون نحن الأم، ووطننا هو الابن القاسي؟!

ولهذا السبب، فإن هؤلاء العراقيين المعنيين، ومهما ابتعدوا، مهما سعدوا، ومهما التأم من جراحاتهم المزمنة، وصادفوا من مسرات، مهما حدث، فإن هناك شيئا في داخلهم سيظل مكسورا، عصيا على أن تجبره سعادة، أو تلم شتاته فرحة، او أرض جديدة.

سيظل ذلك الألم يعتصرهم وهم يضحكون، مع كل ذكرى تلامس ارواحهم من أبنهم القاسي.

سواء أكان رائحة التراب المرشوش عصرا.

أو صورة التوابيت المتلاحقة، ملفوفة بالعلم القاسي، تغذ السير بهمة نحو وادي السلام في النجف، أو نحو مقبرة أبي غريب.

مهما تناسوا، مهما ابتعدوا

ستظل في القلب غصة

بعض العراقيين، سيظل العراق، على الدوام؛ جرح صعب الالتئام في أرواحهم

بعضهم

الصورة للمصور الفنان العراقي علاء المرجاني

بحر العلوم، وسعد صالح جبر

خلال هذا الاسبوع، توفي اثنين من ابرز وجوه تاريخ السياسة والدين في العراق، بكل الالتباسات العميقة التي تلف هذين الأمرين؛ الدين والسياسة، أولهما سعد صالح جبر، سليل صالح جبر، العصامي الذي بنى نفسه من الصفر حتى صار رئيسا لوزراء العراق، وسميّ سعد صالح جريو، صديق أبيه الأقرب، والثاني هو السيد محمد بحر العلوم، سليل الأسرة العلمية النجفية ذات الثقل الديني والاجتماعي العريق.

ولعلني لا اجد بدا من الاعتراف بقلة معلوماتي عن الأول، فهو لم يظهر في العراق بقوة بعد 2003، وكل عمله، وجهوده تركزت على عراق ما قبل 2003، انفق أمواله الكثيرة على المعارضة العراقية، حتى آخر جنيه استرليني امتلكه، ثم جلس في بيته، يشاهد كيف غنم الآخرون الخزينة، وخرج منها خالي الوفاض إلا من ضميره، لذلك سيكون من الطبيعي لعراقي من جيل الثمانينات، ممن لم يغادروا هذا الوطن الموجع من الطبيعي أن لا أعرف الكثير عن شخص الراحل سعد صالح جبر، إلا ما قرأته عنه، وعن تاريخه، وكل هذه الأمور التي قرأتها لن تكون كافية بالنسبة لي لأكتب عنه رأي واضح وصريح، ولا أمتلك سوى ان اترحم عليه، وقد وفد أخيرا إلى رحمة ربه الكريم.

أما الثاني، فالأمر معه مختلف، نجفي من أسرة نجفية قديمة، لعبت دورا في تاريخ النجف، وتاريخ الفقه الشيعي، الأمور التي نشأتُ ضمن جناحها، وترعرعتُ في كنفها.

كان أسم الأسرة قبل 2003 محاطا بكثير من المهابة، وكثير من الخوف، وكثير من المآسي، فأسرة صغيرة مثل آل بحر العلوم أعدم ثلثي رجالها تقريبا، الامر الذي انطبق على أصهار الأسرة في ذات الوقت، وحلت بالأسرة في نهاية التسعينات مأساة أخرى، حينما سطا أحد جيرانهم على احد منازل الأسرة في حي الأمير في النجف، وقتل الابنة الشابة، ليلحقها بأبيها وأخيها المعدومين.

واختتمت الأسرة أحزانها وكسراتها بوفاة كبير الأسرة، السيد محمد حسين بحر العلوم.

خلال ذلك كله، كنت أسمع بوجل شديد أسماء كبار الأسرة من العلماء ممن أعدموا، كالسيد عز الدين بحر العلوم، الذي قرأت شرحه لدعاء كميل صغيرا ولم أفهم شيئا منه، ولا أذكر اليوم سوى تلك الرهبة التي اعترتني وأنا أقرأ لعالم شهيد شرحا لأكثر الأدعية إثارة للألم بالنسبة لي.

وبعد 2003 أخذ اسم السيد محمد بحر العلوم يتردد في الجرائد، والفضائيات، ولا يزال العراقيون يذكرون غضبه في الجلسة الأولى لإعلان مجلس الحكم وكيف هجم على مذيع العربية، شعرا ونثرا، وجلال الطالباني يستزيده، حيث قال انهم ــ المعارضة العراقية ــ طرقوا أبواب العرب حتى كلّوا ولا مجيب، اتذكر انه قرأ بيت شعر صدره (قرعت باب الدار حتى تكلمت) ولا اذكر العجز، لكنه كان يقول انهم لم يجدوا آخر الأمر ما يخلصهم من صدام سوى أمريكا، وهذا الخراب الذي ستجيء به.

وتعرض الرجل لاحقا إلى عداء التيار الصدري الذي كان معارضا للعملية السياسية وقتها، وسُب الرجل المسن بشناعة، وكُتب اسمه وسط النجمة السداسية على التبليط أمام داره، وعلى جدران الدار، وزاد الطين بلة تصريحاته أبان وضعه حجر الأساس لمشروع المجمع السكني في حي السلام (عام 2005، ولم يكتمل المشروع إلا عام 2013)، دون ان يرد على أحد من مهاجميه أو ممن سبه.

على أي حال، مرّ الراحل بمنعطفات كبيرة في حياته، فهو سليل أسرة علمية ذات زعامة، مما دفعه مبكرا لخط المواجهة، كان وكيلا للسيد محسن الحكيم، وكان أحد أعضاء الوفد الذي ذهب للتفاوض مع عبد الكريم قاسم حول قانون الأحوال الشخصية الذي أصدره عام 1959، وقرأتُ له كتابا يناقش فيه هذا القانون من وجهة نظر اسلامية كتبه بتكليف من السيد الحكيم نفسه.

لاحقا غادر العراق أبان جمهورية البعث، ومن خارج العراق انتظم في سلك المعارضة، وأصدر في ذات الوقت العديد من الكتب، الادبية والدينية والسياسية، وأتاحت له تجربة التعايش مع الآخر المختلف الانتقال إلى أفق أرحب من القدرة على الحوار، وتقبل الآخر، والدعوة إلى التعايش، وأسس خلال غربته معهدا للدراسات انتقل إلى العراق باسم معهد العلمين للدراسات العليا ومقره اليوم في النجف في الشارع الرئيس الرابط بين النجف والكوفة، المعهد الذي رأسه العلامة الدكتور عصام العطية رحمه الله حتى وفاته.

حقيقة، هناك الكثير من الأمور الشخصية التي لا يصح ذكرها، وبعض من الأمور الأخرى التي أثارها الكثيرون على الفيس بوك تعقيبا على نعي بعض الأكارم للرجل المخضرم الراحل إلى رحمة ربه الكريم، ولست هنا بصدد كشف المستور منها، أو النقاش حول حيثيات المعروف من تلك الأمور، ولكني لا أجد في تاريخ الرجل تلك الهالة القبيحة التي يريد البعض أن يكسوه بها عقوبة له على دوره في بناء النظام الجديد، ولعل هذا الرجل بالذات تنطبق عليه مقولة أحد أبطال المشروطة في إيران ــ لا اذكر اسمه بالضبط ــ الذي قال لأحد محدثيه يوما بعد ان التف الشاه على الدستور الذي ناضلوا لإخراجه إلى النور وتجريده من محتواه بألم: ان العنب الذي أردناه زبيبا صار خمرا، كدلالة على حسن النية، وسوء النتيجة.

خلاصة ما أريد قوله، ان الراحل كان متفتحا، قابلا للحوار، مستعد للتعايش مع الآخر، يمد يداً مفتوحة للجميع، ويتعاون مع الجميع، وخصوصا في المجالات الفكرية التي حرص ان يكون معهده حاضنا لمختلف اتجاهاتها السياسية والدينية كما لمست بنفسي، وكما يمكن للجميع التأكد منه عبر قراءة أعداد مجلة (المعهد) وسبر هيئته التدريسية المتنوعة.

وقد كان واحدا من أعز اصدقاء والده أبان وكالته لمرجع النجف في البصرة هو رئيس الديانة الصابئية في العراق كما يقول رشيد الخيون، مما لابد أن ينعكس على الابن، والأمر الأكثر أهمية ان الأسرة لم تكن على وفاق في يوم مع إيران، إيران الثورة خصوصا، ولم يسكن أي من افرادها في ايران، منحازة أشد الانحياز إلى النجف، ومركزيتها الدينية التي يحاول الكثيرين سلبها منها، ولعل هذا أكثر ما يدفعني إلى كتابة هذه السطور الآن، وبقيت الأسرة بعيدة عن المعادلات الإيرانية، والأذرع السياسية الإيرانية، وإن لم ينف ذلك دورها في عراق ما بعد 2003، وما حازته من مكانة سياسية.

لست بمعرض الدفاع عنه، خصوصا انني لم أحتك بالراحل إلا على وجل، كان أبرز معالم ذلك الاحتكاك ما حدث قبل أشهر، قبل ان ينتكس وضعه الصحي، وهو أمر لا أريد الحديث عنه الآن وقد رحل، خصوصا انني لم اكن طرفه الوحيد، ولعل اطرافه الأخرى من اصدقائي راغبين عن ذكره هكذا على الملأ.

رحم الله الراحلين كلاهما، وأحسن نزلهما

علي المعموري

8/ 4/ 2015

 

 

تكريت

 

نحن جيل الهزائم…

وأبناء المنكسرين…

نحن جيل بسيط، أحلامه في أحسن أوضاعها لا تزيد عن كونها إحباطا مزوقا.

فتحنا أعيننا على الحروب، والهزائم، المعنوية على الأقل، كنا ندور في فلك الحرب، وإن لم نبصرها عيانا في كل أوقاتها المشئومة.

ولأتكلم عن نفسي

انا اكره الحرب حد النخاع، وأكره مناظرها، وكلما تعلمت المزيد، عرفت أن أكبر قبائح الحرب هي ما يتلوها، الأمهات الثاكلات، الأرامل، والأيتام الذين لا معيل لهم ولا موّجه يأخذ بأرواحهم في دروب الحياة، ويمنح عقولهم التجربة، وزادها اللازم لاستمرار الحياة.

ورغم ذلك، فها نحن؛ أنا وجيلي ــ الذين لم نعرف النصر منذ أزمنة تبدو أزلية ــ نبكي، وننتفض من الأعماق فرحا ونحن نشاهد الراية القاسية، التي قتل آبائنا تحتها، الراية التي سقتنا الألم، وعلمتنا الألفة مع الوجع، ونحن نراها تتقدم، تطيح بالراية القبيحة، الراية الدموية، المتوحشة القادمة من مجاهل التاريخ، وبطون كتب شيوخ السوء.

انا اكره الحرب.

اكرهها من صميم فؤادي، لأنني أعيش مع آثارها بعدة طرق يوميا، كدارس، كمواطن، وكشخص يعيش في مدينة تضم أكبر مقبرة في هذا الأديم، أتجول فيها، ولا أرى سوى صور الشهداء الشبّان، ولا أسمع سوى نواح أمهاتهم وأراملهم، والدهشة المرتسمة على وجوه أطفالهم.

لهذا كله، استكثرت على نفسي أن أفرح بنصر، نصر تتصدره الراية العراقية، رغم قسوتها.

نحن جيل لم نمتلك الحكمة التي امتلكها آباؤنا وهم يقفزون بين السواتر، يتقون القنابل والرصاص بدعاء أمهاتهم، لم نمتلك الحكمة الكافية التي تجعلنا ننظر أبعد من النصر، لهذا، يا أيها الذين اكتووا بالنار، وعرفوا الأشياء كلها،

اعذرونا إذا فرحنا، لأننا لم نذق النصر منذ وقت لم نعد نذكره.

ولكني أبوح لكم

أنا فرح

أقولها بصراحة رغم خوفي من (ما بعد).

ورغم كل شيء

أنا فرح، لأنني لا زلت احلم بأن تقوم للعراق قائمة، أن تكون له دولة، وأن تتجسد يوما ما طموحات فيصل الأول وأحلامه، وهو يناغي أمثالي، بدولة واحدة، عراقية، قوية، تنموية، قادرة، يحس أهلها بأنهم عراقيون أولا وآخرا، وكل ما عدا ذلك يدور في فلك العراق وأسفل منه.

من أجل كل شهيد

وكل ثاكل

على أمل بغد أفضل

علي المعموري

31 آذار 2015

قحطان السيد زبر

هل تسمعين تلك الأصوات؟

همسات خفيضة، تعلو وتخفت بين لحظة وأخرى.

تسمعها القلوب حينما يسكت ضجيج البشر، حين يكفون عن اللهجة بمتطلباتهم، وتهجع أنانيتهم للحظات، لتشمخ برأسها مرة أخرى، وتظل تلك الأصوات طافية في الضياء، كالورد على المياه.

لابد أن تسمعيها، إنها تقض مضجعي، حتى صرت أرى أصحابها في كل الوجوه، وأسمعها في كل الأصوات، كل لحن، كل صوت عاصف، كل نأمة هادئة، تتراكم في روحي وئيدا، حتى تمسك بحسراتها كل حواسي، وتمنعني من الرقاد.

كيف لك أن لا تسمعيها؟

كيف لكم أن لا تسمعونها؟

ها هي؛ تقدم نحوي كل لحظة، أصوات تبكي الأب، تبكي الأم، تتحرق للمعيل، تبحث عن لقمة تقيم الأود، وثوب يرد عن وجناتها الحر والبرد، تتحرى في النفوس عن بقية من رحمة تتفيأ بها، تتخذها سقفا حيث لا سقف يرتفع على أرواحها الكسيرة، مات الأب هدرا كأي عراقي، وماتت الأم حرقة، وبقيت منهم أمشاج طرية تسعى، أبناء مهيضي الجناح، وجوه تبحث عن السعادة، أصوات تبحث عن أسماع تتلقفها ولا ترد لها الصدى القاسي دون التفات.

هل تسمعين؟

انا أسمعهم، أحس بهم، أراهم.

تلك الوجوه الممتلئة لهفة، المنتظرة للأمل أبدا، كيف يأتي الأمل إذا لم نحضره نحن؟

نحن الذين نستجلب الأمل لهم.

وها أنا ذا، اركض نحوهم، خشية أن لا يجد أطفالي من يركض نحوهم بعدي، كلنا على موعد من سفر لا إياب منه، نترك خلفنا قلوب تلتحف بالشوق لنا، أياد غضة تنتظر منا الحماية والرعاية.

لأقاسمنكم خبز أطفالي، ولحافهم، ولأوزعن الحنان بينكم كأنكم من صلبي، ولأنثرن بينكم الفرحة ما وسعتني القدرة، وما أعانني الله، وفي تلك اللحظة التي يأزف فيها موعد رحيلي، فسأغادر، وعيناي تتقلبان بينكم وبين بيتي، وقلبي عامر بالأمل، زاخر بالرضا، التفت إلى رحمة ربي، ان تشملكم، ان تكونوا في ميزان أعمالي، ان تكبرون، لتجدوا أمامكم وطنا لا حرب فيه، وطن يحنو عليكم كآبائكم، ويذوب فيكم كأمهاتكم، وتذوبون فيه وله، ويا له من حلم عزيز المنال.

 

استذكارا للدكتور الطبيب قحطان السيد زبر اختصاصي جراحة الانف والأذن والحنجرة في النجف، الذي عاجلته المنية فجأة، لم أعرفه يوما، ولكن أن يخرج العشرات من الأيتام في جنازة راحل، يحملون الورود في أكفهم الغضة، ويرفعون لافتة كتبوا عليها (نحن ايتامك يا سيد قحطان) فذلك أمر يستدر دموعي من القلب، ويملأني املا واحتراما.
علي المعموري
26/3/2015

علي المعموري

26/3/2015