كتاب وأقدار ثلاثة

ربما كانت مطبعة حبل المتين التي دخلت إلى النجف وافتتحت عهد الطباعة فيها ثالث أو ثاني مطبعة في العراق، وقد طبعت الكثير من الكتب في النجف مما لم يجد له طريقا للطباعة في غيرها من مدن العراق، مجلة الكلمة، الأدبية، التي كانت تصدرها عصبة من اليساريين العراقيين كانت تطبع في النجف، وابتدأت خلسة بمغامرة من حميد المطبعي، سليل العائلة المطبعية، وعضو هيئة تحريرها، وقد اعلن اليوم 2/ 12/ 2020 عن وفاة أحد اعمدتها، الناقد الكبير طراد الكبيسي.

وفي الستينات والسبعينات، كانت أولى دواوين الشعر الشعبي تطبع في النجف، الطبعة الأولى من ديوان الـﮕـمر والديرة للراحل #عريان_السيد_خلف طبعت في النجف، ولدي طبعة من ديوان #مظفر_النواب الأشهر، للريل وحمد، مما طبع في النجف.

بكل الاحوال، بين يدي كتاب اقداره غريبة، مؤلفه صار مؤرخا كرديا معروفا، هو زبير بلال اسماعيل (1938 -1998) سليل الاسرة الدينية، والمولود في قلعة اربيل، والكتاب المعني هو أول كتبه، أربيل في أدوارها التاريخية، وطبع في النجف عام 1970 في مطبعة النعمان المعروفة.

أما الاستملاك على الكتاب، الذي سبقني، فهو مكتوب بالسريانية، التي لا أعرفها، ولكن يبدو لي أن مالك الكتاب كان شخص مثقف ومتخصص ربما، مسيحي آثوري، إذ ملئ صفحات الكتاب بالملاحظات بالقلم الأحمر، والتقطت على عجالة ملاحظات عابرة أهمها أن الرجل كان يحرص على كتابة الاسم بالثاء، آثوريين وليس اشوريين كما هي السردية الحاضرة اليوم.

والثانية أن سردية أصالة الآثوريين في العراق ليست مما استحدث بعد 2003 مثل مصطلح الاشوريين، ولكن الرجل ـ مالك الكتاب ـ يخالف آراء المؤرخين بحداثة وجود الاثوريين في العراق، فيكتب معلقا مثلا على سرد المؤلف لأحوال المسيحيين في العصر المغولي الثاني بعد دخول ملوك المغول للاسلام، تحديدا احداث سنة 1317م فحين يقول المؤلف (نصارى) يكتب مالك الكتاب: الاثوريين النصارى، وهو أمر غير ثابت، أعني وجود الاثوريين في تلك الحقبة في الاراضي العراقية.

تقلبت الدنيا بهذا الكتاب، بمؤلفه الكردي الذي سطره في اربيل، وطبعه في النجف، واستملكه مسيحي آثوري ربما في بغداد، ليصل ليدي آخر المطاف.