مكابدات سعيد

هذه القطعة كتبت بنية أن تكون نصا بديلا عن النص الأدبي الذي اختير كمثال لدرس (اسم المفعول) في كتاب قواعد اللغة العربية للصف الرابع الاعدادي حين كنتُ في تلك المرحلة ـ عام 2003- كتبته بطلب من أستاذي، أستاذ مادة اللغة العربية، الأستاذ سعد عجيل الرجل الذي نشر لي أول نص في حياتي وكانت قصة عن فلسطين نشرت في مجلة الموقف التربوي التي كانت تصدر عن مديرية تربية النجف قبل العام 2003 ـ اذكر ان النص القديم كان عن مشعول الصفحة صدام، ولما حدث ما حدث وأُهملت النصوص القديمة طلب مني أن اكتب نصا بديلا ـ بعد ان أحسن الظن بي ووجد أن لدي ميولا أدبية ـ على أي حال، كتبت النص، ولم أقدمه له حياء، وها أنا بعد كل هذه السنوات أضعه بين يديه، محبة ووفاء، مع اعتذاري عن الأخطاء النحوية التي في النص.

مكابدات سعيد

ظل سعيد ضاحكاً طوال الأربعين سنة الأولى من عمره، مواجه متاعب الحياة ووعورة العيش بنفس هادئة وثغر منطلق، يعينه على ذلك ضحكات خمس أطفال وأمهم، وكان يعود متعباً منهك القوى إلى الدار، ولكنه وما أن يدخل يسمع تلك الضحكات البريئة، والاستقبال الحار، حتى ينسى كل ما مر به منذ أن ابتدأ عمله في الصباح الباكر.

ولكن معارفه فوجئوا به منقلب الحال وقد أصبح لا يُرى إلا ذاهلا، صامتاً مكفهر الوجه، والذين يعرفونه عن كثب يتعجبون أكثر، إذ أنهم يرونه منخلع الفؤاد محزون النفس، فيتساءلون: ما الذي دهى هذا الرجل؟ المفروض أن يفرح في هذه الفترة أكثر من الفترة السابقة أولاده كبروا وفتحوا بيوتاً ورفعوا رأسه، فماذا أصابه؟

بالتأكيد لم يعرف الناس ماذا أصاب الرجل، الخائض حياة كالتي خاضها سعيد وحده يعرف ماذا حصل، لقد تفرق أولاده عنه، وماتت أمهم، وأخذ كل واحد من الأولاد زوجته وخرج، وبقي سعيد وحده يقاسي آلام وحدته ذاكراً ضحكات زهوره الخمسة.

الناس تتسائل، ماذا أصاب سعيد؟ وسعيد المبعثر الفؤاد منشغل بمحاولة لملمة أجزائه.

2003

[كتبت النص بدون عنوان، والعنوان الذي وضعته هو ابن اليوم وليس من صلب النص القديم]