(Black or White (2014

علي المعموري

لن أكتب شيئا عن هذه التحفة، سأقول فقط استنتاجي الشخصي المرتبط بقصته وبتجارب أخرى.

خذ أي رجل ناجح، مستقر عائليا، أي رجل، واسلبه امرأته، سكنه التي يأوي إليها، وتفرج على الفوضى التي أحدثتها.

دعك من الناجح، ودعك من المستقر، المحب لأسرته، خذ اتفه نموذج تريد من الرجال، واسلبه المرأة التي تقوم على شأنه، وانظر لحجم الفوضى التي ستعم حياته، هو يركض ليتزوج غيرها، لأنه يعرف انه لا قيمة له بدون تلك الشريكة، مهما احتقرها، ومهما آذاها، بدونها هو محض يباب.

لهذا، فإن الرجل الذي لا يتزوج، لا يجلب شريكة لحياته، والذي تمنحه أمه التوازن اللازم ليحمي روحه من البعثرة، هذا الرجل؛ يكون أكثر مناعة من الإصابة بالفوضى في حالة وفاة أمه، لأن هناك حد بينه وبين أمه، تفصيل غامض، يمنحه الثقة والاستقلالية، يحميه من الانكسار والشعور بالحاجة إلى الغير، منحة الأم الثمينة، أما الشريكة، فمعها تكون الثقة متلازمة مع الحاجة إليها، لهذا يتحطم الرجل الصالح تماما إذا غابت شريكته، يفقد كل قدراته الاستثنائية، يفقد طريقته المعتادة بالأكل، بالنوم، بالشرب، حتى تنفسه للهواء يختل فلا يدري ماذا يصنع بنفسه، وكيف يتعامل مع المسؤوليات التي لم يكن يعرف بوجودها، وأدرك فجأة أنه لا قيمة له بدون وجود شخص يؤديها عنه، كما يؤدي هو مسؤوليات أخرى متممة لها، واتضحت له انجازات صنعها، يخالها الناس عظيمة  وكانت لتبدو تافهة، لولا تلك اليد الحانية التي دعمتها ومنحت صاحبها الثقة للعمل.

على هذا، الأم تمنحك الثقة لتستقل حتى لا تحتاج لها بعد رحيلها، رغم الثقب الذي يتركه رحيل الأم في كل قلب سوي، ثقب لا يلتئم مهما تطاول زمنه، أما الزوجة، الشريكة، فتمنحك الثقة لتعود للمزيد مرارا وتكرارا، حتى تصير مدمناً، تعم حياتك الفوضى بدون دفعات الحب والثقة المتكررة التي تمنحها لك الشريكة.

وعليه: لا زواج.

دعكم من هذا، كيفن كوستنر كان استثنائيا، على طوال الفيلم، أما المشهد الذي ارتقى فيه منصة الشهود في المحكمة، متنازعاً على وصاية حفيدته، في هذا المشهد كان أن يخرج علينا من الشاشة!

فيلم رائع، فيلم يشاهد، ولا يُحكى عنه…

Black or White 2014

Director: Mike Binder

للمزيد عن الفيلم على موقع: imdb