تكريت

 

نحن جيل الهزائم…

وأبناء المنكسرين…

نحن جيل بسيط، أحلامه في أحسن أوضاعها لا تزيد عن كونها إحباطا مزوقا.

فتحنا أعيننا على الحروب، والهزائم، المعنوية على الأقل، كنا ندور في فلك الحرب، وإن لم نبصرها عيانا في كل أوقاتها المشئومة.

ولأتكلم عن نفسي

انا اكره الحرب حد النخاع، وأكره مناظرها، وكلما تعلمت المزيد، عرفت أن أكبر قبائح الحرب هي ما يتلوها، الأمهات الثاكلات، الأرامل، والأيتام الذين لا معيل لهم ولا موّجه يأخذ بأرواحهم في دروب الحياة، ويمنح عقولهم التجربة، وزادها اللازم لاستمرار الحياة.

ورغم ذلك، فها نحن؛ أنا وجيلي ــ الذين لم نعرف النصر منذ أزمنة تبدو أزلية ــ نبكي، وننتفض من الأعماق فرحا ونحن نشاهد الراية القاسية، التي قتل آبائنا تحتها، الراية التي سقتنا الألم، وعلمتنا الألفة مع الوجع، ونحن نراها تتقدم، تطيح بالراية القبيحة، الراية الدموية، المتوحشة القادمة من مجاهل التاريخ، وبطون كتب شيوخ السوء.

انا اكره الحرب.

اكرهها من صميم فؤادي، لأنني أعيش مع آثارها بعدة طرق يوميا، كدارس، كمواطن، وكشخص يعيش في مدينة تضم أكبر مقبرة في هذا الأديم، أتجول فيها، ولا أرى سوى صور الشهداء الشبّان، ولا أسمع سوى نواح أمهاتهم وأراملهم، والدهشة المرتسمة على وجوه أطفالهم.

لهذا كله، استكثرت على نفسي أن أفرح بنصر، نصر تتصدره الراية العراقية، رغم قسوتها.

نحن جيل لم نمتلك الحكمة التي امتلكها آباؤنا وهم يقفزون بين السواتر، يتقون القنابل والرصاص بدعاء أمهاتهم، لم نمتلك الحكمة الكافية التي تجعلنا ننظر أبعد من النصر، لهذا، يا أيها الذين اكتووا بالنار، وعرفوا الأشياء كلها،

اعذرونا إذا فرحنا، لأننا لم نذق النصر منذ وقت لم نعد نذكره.

ولكني أبوح لكم

أنا فرح

أقولها بصراحة رغم خوفي من (ما بعد).

ورغم كل شيء

أنا فرح، لأنني لا زلت احلم بأن تقوم للعراق قائمة، أن تكون له دولة، وأن تتجسد يوما ما طموحات فيصل الأول وأحلامه، وهو يناغي أمثالي، بدولة واحدة، عراقية، قوية، تنموية، قادرة، يحس أهلها بأنهم عراقيون أولا وآخرا، وكل ما عدا ذلك يدور في فلك العراق وأسفل منه.

من أجل كل شهيد

وكل ثاكل

على أمل بغد أفضل

علي المعموري

31 آذار 2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.